ضلع مكسور ورجل مشنوق و(رأس وكتفان مقلوبتان)!! (1-2)

02/12/2019 7
عبدالله الجعيثن

مناظرة حارة بين التحليل الفني والتحليل الأساسي

شهدتُ مناظرة حارة وساخرة في نفس الوقت بين صديقين أحدهما يعتمد على (التحليل الفني) في قراءة اتجاه سوق الأسهم السعودية بشكل عام، واتجاه كل شركة بشكل خاص..

والآخر يعتمد على (التحليل الأساسي) ولا يعير التحليل الفني أي هتمام..

وسأذكر بعض ما دار بين الصديقين من مناظرة يناصر فيها كل واحد منهما منهجه الذي يعتمده ثم أذكر رأيي الشخصي المتواضع في نهاية المقال..

قال المحلل الفني:

لقد صدقت قراءاتنا لسوق الأسهم السعودية بناء على التحليل الفني الذي له مدارس وأصول، فقد بدأت موجات (آليوت) في التحقق ولم يبق إلا الموجه (C) الهابطة ليكتمل تصحيح الموجة الصحيحة الكبرى التي بدأت في فبراير 2006وهذا أكبر دليل على نجاح التحليل الفني..

الأساسي - بل هذا أكبر دليل على فشل التحليل الفني، فقد كان هذا التحليل في فبراير يقول إن المؤشر سيرتفع إلى 28ألف نقطة، وكان التحليل الأساسي يحذر بشدة من التصحيح العنيف القادم لا محالة لأن مكرر السوق زاد على 35مرة ومكرر بعض الشركات بلغ خمسة آلاف..

الفني - كنتم تحذرون من السوق حين بلغ 12ألف نقطة في طريقه إلى الصعود، ولو أطاعكم الناس لحرموا من ارتفاع ثمانية آلاف نقطة وحرموا من ارتفاع مقداره سبعون في المائة!!.. وهذا دليل فشل التحليل الأساسي، كنتم تحذرون والمؤشر 12ألفاً فوصل فوق العشرين!

الأساسي - وتحذيرنا في محله، ولو أخذه المتداولون بالاعتبار لما حدثت المأساة وحصل الانهيار، ولكنكم كنتم ترسمون خطوطاً صاعدة وموجات ارتفاع أغرت وغرت الناس فهل تظن الناس استفادوا من ارتفاع السبعين في المائة التي تقول؟ بالعكس اتبعوكم فتعلقوا بشكل شنيع ورجعتم تذكرون (الرجل المشنوق) وهو وصف ينطبق فعلاً على من ساروا خلف تحليلاتكم الفنية ولم يكن الرجل المشنوق واحداً بل شنق على حبل المؤشر ألوف الرجال والنساء!

الفني - بعضنا حذر من الارتفاع حين جاوز المؤشر 18ألفاً وتنبأ - وفق التحليل الفني - بالانهيار أما أنتم فحذرتم في وقت مبكر وحرمتم الذين أطاعوكم من بقية الارتفاع!

الأساسي - الذين حذروا حسب التحليل الفني يعدون على أصابع اليد أو أقل، أما جيش المحللين الفنيين فكانوا يرسمون مؤشراً صاعداً إلى الأبد وبدون مقاومة!!.. وما أكثر ما خرج لدينا من الفنيين (مع تحفظي على هذا المسمى فهو ليس فناً ولا علماً) لقد أغريتم الناس (بشخابيطكم) حتى صار كل متداول تقريباً يعتبر نفسه محللاً فنياً وصح أن يقال عنا (بلد المليون محلل).

الفني: هذا ليس ذنب التحليل الفني أن يدخله من هب ودب، فإن له أصولاً وقواعد.

الأساسي - الأصول والقواعد للتحليل الأساسي الذي يعتمد على مقارنة عائد السهم بسعره مع أخذ نسبة النمو أو التراجع في الاعتبار، أما التحليل الفني فيعتمد على الماضي.. على التاريخ.

الفني - أولاً: التاريخ يعيد نفسه في الغالب..

ثانياً: التحليل الفني يعتمد على عدد كبير من المؤشرات الهامة مثل مؤشر التدفقات النقدية ومؤشر القوة وباختصار فإن التحليل الفني يقيس السلوك الاجتماعي للأسواق وهو سلوك يتجاذبه الطمع والخوف والتحليل الفني (هو المرآة) التي تعكس ذلك، هل تكذب المرآة؟!

المرآة تعكس ما حصل، ولا يمكن أن تعكس المستقبل فقد تقف أمامها اليوم ووجهك سليم فتراه كذلك، وحين تقف أمامها غداً وفي وجهك جروح تتغير الصورة! ثم إنكم تقولون: الخبر يقتل الشارت!

ويقتل التحليل الأساسي أيضاً..

كلا.. قد يمرضه ولكنه لا يقتله.. التحليل الأساسي على اسمه يخرج لك العائد كما هو، ويتوقع نسبة النمو أو التراجع بناء على متابعة أسعار السلع التي تنتجها الشركات الكبرى، وهي أسعار تنتشر تباعاً فيستطيع المحلل الأساسي توقع نسبة النمو أو التراجع بمعرفة أسعار السلع خلال الربع الجاري قبل إعلانه، ويأخذ في الحسبان التوسع المقبل في الإنتاج ومتى يتم، ومدى كفاءة إدارة الشركة ونزاهتها..

الفني - وإذا تغير مجلس إدارة الشركة يا صاحبي وجاءك مجلس مجهول فكيف تتوقع؟

الأساسي - تعرف السيرة الذاتية لأعضاء مجلس الإدارة الجديد ولسلوكهم الماضي.

الفني - ستظل في مرحلة التخمين والتوقع.. ثم إن هناك أخباراً سياسية واقتصادية محلية وعالمية تقتل التحليل الأساسي.

الأساسي - هذا صحيح حين يقع حدث كبير ولهذا تابع أصحاب هذا التحليل الأخبار ويرصدون التطورات.

الفني - هاه!.. كل هذا ينعكس في السلوك الاجتماعي للسوق وهو ما يرصده التحليل الفني بدقة، وأعطيك مثالاً واضحاً على نجاح التحليل الفني وفشل التحليل الأساسي، وهو سهم (انرون) الأمريكية لقد كان سعره ينزل بالتدريج وكان المحللون الفنيون يحذرون منه ويتوقعون له المزيد من النزول لما يرون عليه من بيوع واختراق لكل نقاط المقاومة، وكان المحللون الأساسيون يسخرون منهم باعتبار أن عائد السهم جيد في اعتقادهم.. ومن اتبع الفني وباع سهم (أنرون) نجا ومن طاع الأساسي وشرى أفلس مع الشركة التي أفلست!

الأساسي - تلك حالة شاذة في تاريخ الشركات المساهمة خدعت فيها إدارة (انرون) الجميع بتزويرها أرقاماً كاذبة رابحة.. علماً بأن المحلل الأساسي الناجح كان وقتها يحذر من شراء (انرون) لشكه في نزاهة إدارتها.. مشكلتكم أنكم تصادفون النجاح مرة فتصفقون وتعيدون ما قلتم وتفشلون عشرات المرات فلا يحاسبكم أحد لكثرة ما تقولون، وبهذا تغرون الناس بصحة التحليل الفني، ينطبق هنا عليكم قول الشاعر:

يعمر واحد فيغر قوم

وينسى من يموت في الشباب

نقلا عن الرياض