تضاريس الأسهم

29/11/2019 2
عبدالله الجعيثن

الذي يُتابع شاشة تداول الأسهم كل يوم، مثل الذي يسير في طريق مُتَنوّع التضاريس بشكل عجيب، مصدر العجب أن الذي يسير في هذا الطريق كثيرًا ما يُفاجأ بمرتفعات ومنخفضات لم تخطر له على بال، في طريق لا يوجد فيه إشارات تنبيه أو تحذير، طريق سريع فيه قمم ومنحدرات، دعوم ومقاومات، حزوم وحُفر تَكسر ظهر المسرع، خاصة الذي يريد أن يُنهي عبور الطريق في اليوم نفسه، المضارب اليومي، وإن كان مُحمَّلًا بتسهيلات وديون، فهو يجمع بين السرعة والقلق، وتقلُّب المزاج وانفلات الأعصاب، وسرعة التنقل بين طُرُقٍ فرعية، قد تكون أسوأ من (مَسْك الجادّة ولو طالت)..

المضارب اليومي في سوق الأسهم (على قلقٍ كأنّ الريح تحته) والقلق بئس الرفيق دومًا، خاصة في طريق شديد المخاطر، مجهول التضاريس، مزدحم بالسائرين المسرعين، قلق المضارب اليومي يجعله شديد الانحراف، غريب التصرفات، يبيع أسهمًا فترتفع، ويُبدّلها بأُخرى فتنخفض.. أو العكس.. فهو متوتر مشدود في كل الأحوال، لا يبني قراره على مُرتكزات ثابتة، فلا يوجد ثبات لدى من يريد الشراء والخلاص في اليوم نفسه، وإن قرّر أمرًا في الليل ألغاه في النهار، حين تفتح السوق ويدور شريط الأسهم بسرعة ومباغتة، فينسى قراره، ويصبح ريشة في دريشة، تتصافق بأعصابه مطبّات الارتفاع والانخفاض، هنا ينسى قراره الليلي أو يُلغيه (كلام الليل يمحوه النهار).. وبما أنه مسرع مُمعن في السرعة، فإنه - في الغالب - يصبح (كالمُنْبَتّ لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى).

الاستثمار المبني على تحليل أساسي متكامل خير لهذا من المضاربة اليومية التي يقودها حلم أشبه بالوهم، يُحيل حياته مع سرعة السير في مختلف التضاريس إلى التعب والقلق حتى يكره السوق.

نقلا عن الرياض