تحية لهذه الشركات

22/03/2019 9
عبدالله الجعيثن

اعتاد الإعلام - بشكل عام - على إبراز المنجزات الحكومية والإشادة بها، خاصة (الإعلام الرسمي وشبه الرسمي) وهذا واجب وطني مفيد لأنه يُعرّف المسفيدين بالمنجزات ليستفيدوا منها، وينشر الثقة والتفاؤل، مع انتقاد أوجه القصور بأسلوب موضوعي بنّاء موثّق، ليعرف المسؤول أوجه النقص والقصور فيعمل على إصلاحها، ولفظة (نقد) مشتقة من الصاغة وفاحصي الدنانير (التي كانت من ذهب) لتمييز الذهب الخالص من المخلوط أو المغشوش، فهي تختلف عن الانتقاد، ونقد الشركات المساهمة لتمييز الجيّد من السيّئ، وإبراز التي بين وبين، محاولة بشرية لتقييم المحاسن والمساوئ، ووضع المساهمين والإدارات أمام الصورة الحقيقية قدر الإمكان..

وكما أن إبراز المنجزات الحكومية بلا مبالغة مفيد جداً للمجتمع والاقتصاد، فإن إبراز مُنجزات القطاع الخاص كذلك، لأن منجزاته تصبّ في صالح المجتمع والاقتصاد، وتحض على المُنافسة، وتُنصف المبدعين الأمناء الذين أحسنوا صُنْعاً، وأضافوا للمجتمع والاقتصاد الوطني منجزات نفخر بها، وعظّموا حقوق المساهمين بطرق مشروعة، وقدّموا أرقاماً قياسية يتطلع الآخرون للحاق بها أو سبقها، فصاروا قدوة، وحمسوا رواد الأعمال الشباب على الجدّ والإبداع والإخلاص، والخصال المؤدية إلى التألق والنجاح، وكشفوا تقاعس وضعف المنافسين لهم في نفس الصناعة لعلهم يفيقون من سباتهم، وينشطون من إهمالهم، ويحسون بالتقصير، فيُحَسِّنون إدارتهم الفاشلة..

سبق أن كتبت عن سابك (درة التاج في الشركات) بعنوان (سابك ونيران بقيق) المنشور هنا، وفيه توضيح لما قامت به سابك من إنجاز عظيم خدم الوطن والمواطنين والمساهمين، وحوّل الغاز الذي كان يُهدر ويلوث البيئة بنيرانه المشتعلة ليل نهار، إلى صرح اقتصادي هائل، يُدِرُّ على الوطن مليارات، وينقل التنقية، ويوفر فرص العمل والاستثمار الرابح، ومحاسن سابك لا تُحصر..

كذلك سبق نشر (شكراً جبل عمر) لما أنجزه القائمون عليه من تحويل أصعب منطقة عشوائية ذات جبال صعبة جداً إلى فنادق تُنافس أرقى فنادق العالم، وعمائر وشقق، والأهم أنها تخدم الحجاج والمعتمرين، وتُحوّل تلك المناطق العشوائية إلى مبانٍ غاية في الجمال والإتقان تنفع الوطن والمواطنين والمسلمين في كل أنحاء العالم، حتى فاز هذا المشروع الكبير بأفضل جائزة عالمية في تطوير المناطق العشوائية صادرة من الأمم المتحدة..

يوجد لدينا الكثير من الشركات المساهمة وغير المساهمة، ذات الإدارات السيئة والأداء السيئ حتى أصبحت عبئاً على الاقتصاد الوطني وعلى سمعة السوق والمساهمين، وخاصة تلك الشركات التي كأنما تعمل على هدر حقوق المساهمين ثم تُعلن عن خفض رأسمالها وتطلب من المساهمين أن يدفعوا فيها أموالاً جديدة طائلة، وبعضها فعل ذلك أكثر من مرة، وبدل أن يصرف للمساهمين أرباحاً مشروعة (لأن الشركات قامت بناء على دراسة جدوى مربحة) بدل ذلك خسّروا المساهمين مرتين وربما ثلاث أو أربع مرات بعدم صرف أرباح وبمطالبة المساهمين بدفع أموال جديدة طائلة تُغَطّي فشلهم الذريع، وربما فساد بعضهم، وكأنّ همهم (تحطيم حقوق المساهمين لا تعظيمها)..

لكن في المقابل هناك شركات مساهمة وغير مساهمة خدمت اقتصاد الوطن وأغنت المساهمين وحسّنت سمعة سوق الأسهم السعودية، وفي مقدمتها (مكتبة جرير) ذات الإدارة المبدعة المخلصة التي لم يقتصر إنجازها على إنجاح أعمالها بشكل متواصل، ولكنها أيضاً حسّنت ثقافة المجتمع والعمران، ببناء مقارّها الجميلة المحاطة بمقاهٍ تفتح النفس وبمتاجر ناجحة، ويكفي المقارنة بين الأداء التاريخي (لجرير وتهامة) وهما في نفس النشاط والأخيرة مُنشأة قبل جرير بسنين طويلة (وبضدّها تتميّز الأشياء).

(بنك البلاد) كان يخسر، وتغير مجلس إدارته فاستطاع المجلس الجديد مضاعفة الأرباح وزيادة رأس المال عن طريق المنح، وتعظيم حقوق المساهمين، وتوظيف أعداداً كثيرة من السعوديين..

هناك أيضاً (شركة هرفي) التي استطاعت بإدارتها المبدعة الجادة الأمينة أن تُنافس شركات عالمية مماثلة تعمل قبلها بعشرات السنين، وأن توفر فرص عمل كثيرة جداً للسعوديين عامة، ولذوي الاحتياجات الخاصة منهم بالذات، وأن تجعل علامتها شهيرة ومنتشرة في دول خارج المملكة، تجلب العملة الصعبة، وتُعظّم حقوق المساهمين وتزيد العرض، وتقدم القدوة الناجحة للمستثمرين، وتربح أكثر من شركة كبرى كانت (هرفي) - في البدء - جزءاً صغيراً منها.. 

هناك عدة شركات نفخر بها، لأمانة إدارتها وحسنها، منها - على سبيل المثال لا الحصر - (ينساب - الاتصالات السعودية - التموين - المتقدمة) وقارنها باللجين التي تُماثلها وأُنشئت قبلها بسنوات طويلة. وغير تلك الشركات علي اختلاف في حُسْن الإدارة وجودة الأداء.

نقلا عن الرياض