صناديق التقاعد والخيارات الصعبة

28/08/2018 24
فواز حمد الفواز
منذ عدة سنوات كتبت عن الصعوبات التي تواجه صندوق التقاعد خاصة والى حد اقل التأمينات بسبب الفجوات الإكتوارية، الاشكالية ان الفجوات تعبير عن تحديات هيكلية مستمرة مما يعني ان التحدي اصبح اكثر صعوبة.

الإشكاليه تحدي عالمي ولكنه يأخذ أبعاد اخرى لدينا لسببين، الاول ان التحدي اصبح ملحا بينما لازالت المملكه في منطقه مريحه من ناحية توزيع الفئات العمريه في المجتمع والسبب الاخر ان هذه الصناديق (الانظمه الحكوميه) تقدم برامج مغريه للتقاعد وخاصة للعسكريين (يشق علينا ذكر العسكريين في هذا السياق خاصه ان البعض يضحي بنفسه دفاعا عن الوطن، كما ان تقاعد جزء مؤثر من العسكريين ليس اختياري)، وهذه تأخذ بعد تفصيلي اخر حيث تسعى الحكومه لتوظيف اكبر عدد ممكن دون اضافه إنتاجيه.

اقترحت حينه ان اثناء الوفرة الماليه ان تقدم الحكومه دعما ماليا خاصه لصندوق التقاعد خاصة انها تاريخيا تقترض منه من خلال السندات، بالأضافه الى زيادة الاقتطاع من الراتب لدعم الصندوق، وهذا جزئيا أخذت به التامينات.

ولكن ظهر تحدي مؤسساتي اخر اذ ان تغير اللجان العليا الممثله بالوزراء جعل القرارات تؤجل والرؤى تتغير تباعا. هذا التحدي من العيار الثقيل ولذلك لابد من نقاش موسع نظرا لأهميته، التحدي مضاعف لان الوظيفة العامه تميل لاستفادة الموظف اكثر من استفادة العمل ومن ناحيه اخرى بسبب ابتعاد المجتمع عن " هيكلة الحوافز - رصد تصرفات الناس وتسعيرها إنتاجيا ".

اوسع دائره للنقاش تبدأ بمطالبة ان ترتفع الانتاجية في المجتمع وان نقلل نسبة موظفي القطاع العام قياسا على التوظيف عامه. هذه الدائرة طويلة المدى لان الإشكالية لها أيضاً طابع طويل المدى، التعامل مع قضايا طويلة المدى بحلول قصيرة المدى ليس الا ترحيل بيروقراطي يفتقد الرقي. ولكن هناك حلول متوسطة المدى أيضاً تتمخض في اعادة النظر في تقاعد المعلمين والمعلمات مثلا والنظر في تقاعد العسكريين لاحقا .

فمثلا ممكن تحفيز المعلم الا يتقاعد قبل 30 سنه وان يجتاز امتحانات الكفاءة لهذه المده، تحفيز اخر قد ياتي بربط خلاق للتوفير مع التقاعد، تبين ان هناك ظاهره في تقاعد البعض ثم العيش في بلد اخر، لا اعرف حجم الظاهرة ولكن لابد من ربط بين الحاله العامه والخاصه من خلال التفكير في المصلحه الوطنيه من منظار Saudi Inc وتوفير واستهلاك المال وطنيا. أخيرا لابد من زيادة من الاقتطاع بنسب صغيره وتدرجيه. في المدى القصير ولابد من دعم التقاعد بمبلغ مؤثر لا يقل عن عشره بلايين كدعم للعسكريين خاصه ان اسعار النفط في وضع إيجابي.

تنظيميا لا ارى مصلحه من دمج التقاعد مع التامينات (ليس هناك من ضمان في جودة ادارة واحده، إذ ان تقليل المخاطر يؤيد استمرار الفصل) ولكن هناك نواحي تنظيميه تحتاج إعادة نظر، الاولى مستوى الحوكمه وخاصه في النواحي الاستثماريه وخاصه في صندوق التقاعد حيث التجربة كانت غير مشجعه في الماضي، كما على هذه الصناديق ممارسة دورها في حوكمة الشركات.

تاريخيا تقوم التامينات لخدمة القطاع الخاص ولكن هذا اسم لغير مسمى إذ ما يذكر على انه قطاع خاص ماهو الا جهات حكوميه ولذلك هناك حاجه لإعادة التنظيم حسب طبيعة المستفيد وليس طبقا لمسمى تنظيمي اصطناعي في الجوهر، لذلك قد يكون هناك فصل بين القطاعات العامه والخاصه. كما قد يكون هناك تفكير لتخصيص صندوق للعسكريين توفيري الطابع تعاوني بين الحكومه والعسكريين، في المدى القصير أيضاً يستحسن تقليل الاعتماد على الاستشاريين من الخارج وتطوير القدرات التحليلية الإكتواريه في الجهات الحكوميه ذات العلاقة.

يسيطر علينا منظار مالي للكثير من التحديات خاصة ان هذا تحدي مالي بطبعه ولكن في نظري له زوايا مهمه ليست ماليه ولكن لها استحقاقات ماليه، هذه الزوايا احيانا تعفي البيروقراطي من التعمق في المسائل والتحديات خاصه اذا اعتمد على استشاري وافد مستعد لتوفير دراسات مستعارة من دول اخرى تتفق وتختلف عن تجربتنا الذاتيه. التعامل مع هذا التحدي يتطلب نقاش مع الجامعات والمهتمين والمستفدين بهدف الخروج بتنظيم هادف ومستدام.

خاص_الفابيتا