إصلاحات المملكة الاقتصادية بين إشادة صندوق النقد الدولي وتجني «رويترز»

27/08/2018 1
حسين بن حمد الرقيب

صدر عن صندوق النقد الدولي تقرير خبراء الصندوق في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2018 والذي أشاد بالإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها حكومة المملكة وأكدوا أن مواصلة الإصلاحات سوف تحقق أهداف المالية العامة وتحفز النمو غير النفطي وذكر التقرير أن الإصلاحات المالية العامة مستمرة والجهود جارية من أجل تحسين بيئة الأعمال، وزيادة حيوية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتعميق الأسواق المالية، وتأسيس صناعات جديدة تنطوي على إمكانات كبيرة للنمو وتوفير فرص العمل وذكر أن الفترة الماضية شهدت نمواً جيداً في الاقتصاد السعودي سوف يكون لها مردود إيجابي قد يساهم في زيادة معدلات توظيف السعوديين في القطاع الخاص وأشاد التقرير أيضاً بخطوة الحكومة التي قامت بتعديل برنامج التوازن المالي وتمديده إلى عام 2023.. كما رحب خبراء صندوق النقد الدولي بالإصلاحات الهادفة إلى تحسين مناخ الأعمال وإحراز تقدم كبير على صعيد الإصلاحات القانونية خلال العام الماضي وتطبيق نظام الإفلاس بدءًا من شهر أغسطس الحالي والذي سوف يساهم في تدفق الاستثمارات الأجنبية، وذكر التقرير أن الحكومة تعول على القطاع العام الاضطلاع بدور محفز على إنشاء قطاعات اقتصادية جديدة، حيث يتطلب ذلك استثمارات ضخمة مقدماً وأن القطاع الخاص قد يعزف عن أداء هذا الدور بمفرده لأسباب سياسية أو ثقافية أو اجتماعية.

الحديث السابق عن خبراء صندوق النقد الدولي يفسر ما قامت به الحكومة خلال الفترة الماضية من إطلاق اثني عشر برنامجاً تنفيذياً من عام 2018 حتى العام 2020 ومن تلك البرامج تعظيم أصول صندوق الاستثمارات العامة التي وصلت الى 840 مليار ريال في نهاية العام 2017 مقارنة مع 570 مليار ريال في عام 2015 ويهدف البرنامج الى الوصول الى 1500 مليار ريال مع نهاية العام 2020.

إن رفع أصول الصندوق سوف يكون من خلال إصدار سندات دين وقد قام صندوق الاستثمارات العامة فعلياً قبل أيام بإصدار سندات دين دولية بحدود 11 مليار دولار ما يعادل حوالي 40 مليار ريال أما الوسيلة الأخرى لزيادة أصول صندوق الاستثمارات العامة من خلال تخصيص بعض القطاعات العامة ومنها الطرح الأولي لشركة أرامكو وهذا الطرح سوف يضخ للصندوق حوالي 400 مليار ريال، ويتولى صندوق الاستثمارات العامة الكثير من البرامج التي تعزز الإيرادات غير النفطية منها المشروعات الكبرى مثل مشروع البحر الأحمر ومدينة نيوم ومشروع القدية وهذه المشروعات تحتاج إلى استثمارات ضخمة لتنفيذها ومن ثم الاستثمار فيها من خلال طرحها على القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي ولذلك كان هنالك توجه للصندوق عن التخلي عن بعض الاستثمارات في شركات مساهمة قائمة مثل شركة سابك والتي سوف تذهب حصتها الى شركة أرامكو مقابل ضخ سيولة للصندوق بحدود 200 مليار ريال.

ولم يغفل تقرير صندوق النقد الدولي عن ذكر بعض العوائق التي تواجه الحكومة وذلك بأسلوب ومنهجية عمل على أسس شفافة وواضحة بعد جلسات مطولة مع صانعي القرار الاقتصادي والمالي في المملكة ولذلك يعتبر تقرير صندوق النقد الدولي والمكون من حوالي 94 صفحة مرجعية موثوقة لمن يبحث عن الحقيقة.

ومع كل هذا الحراك الاقتصادي الكبير وغير المسبوق والذي يقوده سمو ولي العهد نجد أن هنالك وكالات أنباء عالمية تحاول بث أخبار غير صحيحة منها على سبيل المثال وكالة رويترز التي نشرت خبراً تؤكد فيه أنه جرى تسريح المستشارين الماليين للإدراج مع تحول اهتمام السعودية نحو استحواذ مقترح من قبل أرامكو على "حصة استراتيجية" في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) المتخصصة في إنتاج البتروكيماويات وذكرت أن قرار إلغاء الطرح اتُخذ منذ فترة، ولم يمضِ على نشر الخبر إلا ساعات قليلة حتى تم نفيه من قبل وزير الطاقة السعودي وأكد أن الحكومة ماضية في عملية الطرح وهذا هو التوجه الفعلي لمن يريد الحقيقة أما من يشكك في عملية الطرح إما إنه لا يعرف أهداف رؤية 2030 أو مغرض من أجل هز الثقة في الإصلاحات الاقتصادية للمملكة.

لم تكتفِ وكالة رويترز عند حد نشر خبر إلغاء طرح أرامكو الذي تم تكذيبه بل إنها نشرت بعدها تقريراً فيه تجنٍ وعدم مهنية ذكرت فيه أن قرار السعودية التخلي عن الطرح هو ضربة كبيرة لمصداقية الحكومة وذكرت بأن الإصلاحات الداخلية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر تسير ببطء وهذا منافٍ للحقيقة التي يؤكدها انضمام السوق المالية السعودية إلى ثلاث مؤشرات عالمية في غضون ثلاثة أشهر كما أنها شككت في القيمة التي قد تتحصل عليها الحكومة من طرح 5 % من شركة أرامكو وتوقعت أن تكون القيمة في حدود 50 مليار دولار فقط وذكرت بأن التقييم كان مفرطاً في التفاؤل وهذا منافٍ للحقيقة حيث إن الأرباح التي سوف تتحقق هذا العام لشركة أرامكو وتعزيز أصولها الاستثمارية عبر الاستحواذ على سابك وبعض الشركات البتروكيماوية في شرق آسيا سوف يعزز القيمة السوقية لشركة أرامكو وقد نرى قيمة أعلى بكثير من التوقعات السابقة.. عموماً التقرير لم يستند على بيانات صحيحة ولكنه مبني على آراء بعض الاقتصاديين بدون منهجية واضحة أو معلومات دقيقة وكأن التقرير صدر فقط كردة فعل على تكذيب خبر إلغاء طرح أرامكو.



نقلا عن الرياض