ألا يضعف هذا ثقة المتداولين في سوقنا المالية؟

08/08/2018 9
د. عبدالله بن ناصر الفوزان

لفت نظري يوم الأحد قبل الماضي حركة تداول شركة المجموعة السعودية للاستثمار الصناعي في سوقنا المالية فقد بدت لي وربما للكثيرين غيري حالة كوميدية تدعو للضحك والعجب.

ارتفع سعر سهمها تدريجيا بعد تحسن أرباحها في الربع السنوي الأول للعام الحالي التي بلغت 199 مليوناً حتى تجاوز ثلاثين ريالاً والأمر الطبيعي أن مركز الربع الثاني عندما يعلن يؤثر سلباً أو إيجاباً على السعر فإن ارتفع المركز زاد السعر وإن انخفض انخفض بنسبة مقاربة ما لم يكن هناك مؤثرات أخرى ولم يكن هناك مؤثرات في ذلك اليوم.

أعلنت المجموعة مركزها للربع الثاني صباح الأحد قبل الماضي قبل التداول وحققت ربحاً استثنائياً مفاجئاً فاق جميع التوقعات بكثير فلم يكن 200 مليون فقط ولا حتى 250 بل ولا 300 بل 321 مليوناً أي بزيادة عن مركزها في الربع الأول البالغ 199 بما يزيد على 60 %.

كان المفروض أن يقفز سعرها مرتفعاً أثناء تداول الأحد بالنسبة القصوى 10 % أو ما يقاربها والذي حصل أن السعر قفز بما يقارب النسبة بالفعل لكن ليس إلى أعلى بل إلى الأسفل ويا للعجب فقد هبط بما يزيد على 8 %.

حالة مضحكة تدعو للعجب الذي لا يزول إلا بمعرفة السبب ولا أستطيع معرفة السبب لكني أستطيع تقديم معلومات قد تعين على معرفة السبب وأول معلومة هي أن المستثمرين الأجانب في اليوم السابق لخروج المركز الاستثنائي كانوا هم أبرز المشترين (عن طريق اتفاقيات المبادلة) فقد اشتروا في ذلك اليوم ما يقارب 90 ألف سهم في حين كانت جملة التداول 187 ألف سهم وإذا أخذنا في الاعتبار احتمال التدوير الذي تتطلبه المضاربة فيمكن القول إن المستثمرين الأجانب هم أكثر المتداولين في ذلك اليوم.

والمعلومة الثانية أن هؤلاء المستثمرين الأجانب الذين كانوا هم المشترين في اليوم السابق تحولوا إلى بائعين في يوم الأحد بعد خروج المركز الاستثنائي فباعوا ما يقارب 580 ألف سهم أي أنهم قصفوا السهم وبقوة.

والمعلومة الثالثة أن هؤلاء المستثمرين الأجانب في اليوم التالي الاثنين بعد أن قصفوا السهم عادوا للشراء فاشتروا ما يقارب 180 ألف سهم.

لا شك أنه من حق أي متداول أن يشتري ويبيع في أي وقت وبأي سعر ولكن من حق المتداول الآخر أيضاً أن يتساءل ويحاول أن يعرف كيف باع المستثمرون الأجانب هذه الكمية الضخمة بنزول فاق 8 % مع أن الأرباح الربعية قد قفزت مرتفعة 60 % ومع أنهم في اليوم السابق هم المشترون قبل الإعلان عن ارتفاع الأرباح؟.

هم بالتأكيد بفعلهم هذا لا يريدون الخسارة بل الربح ويستخدمون فيما يبدو لي المضاربة الاحترافية لتحقيقه ومن حق المتداول أن يضارب بغرض تحقيق الأرباح وفق ضوابط السوق ولكن من حق المتداول الآخر الذي اعتمد على توقعات المحللين وعلى حركة أسعار منتجات الشركة وأسعار اللقيم واشترى السهم بحسبة دقيقة ثم وجد أن حركة تداول السهم بعد إعلان الأرباح الاستثنائية تتم بذلك الأسلوب الكوميدي أن يستغرب وقد لا يلام إذا ضعفت ثقته في السوق طالما أن حركة التداول فيه تكون بهذا الشكل من قبل مضاربين محترفين مسيطرين.

المجموعة نموذج لحالات مقاربة ولست متضرراً مما حصل فلم أكن أملك أي سهم في المجموعة عند الإعلان عن أرباحها الاستثنائية لكني مثل كل المواطنين سأتضرر لو أدى هذا لإضعاف ثقة المتداولين في السوق وأظن هذا يؤكد الحاجة الماسة لصانع السوق.

نقلا عن الرياض