البنوك السعودية تحقق أرباحاً قياسيةً.. فما انعكاساتها الاقتصادية؟

05/08/2018 2
حسين بن حمد الرقيب

أرباح قياسية حققتها البنوك خلال النصف الأول حيث تجاوز صافي الأرباح المحققة أكثر من 25 مليار ريال، على الرغم من تراجع الودائع ومحافظ القروض، وتحققت النتائج بفضل ثبات مخصصات خسائر التمويل، وأيضاً ارتفاع أسعار الفائدة ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو الجيد في الأرباح حتى نهاية العام الحالي، وربما نشهد أرباحاً قد تتجاوز 50 مليار ريال.

مصرف الإنماء، بنك ساب، بنك الرياض الأفضل نمواً في الأرباح خلال الربع الثاني على أساس سنوي، البنك الأول الأكثر تراجعاً في الأرباح بنسبة 21 % والبنك الفرنسي بنسبة 8 % أرباح البنك الفرنسي تأثرت بسبب ارتفاع مخصص القروض المتعثرة، أما البنك الأول فكان سبب التراجع ناتجاً عن ضعف الإيرادات والعمولات الخاصة بالإضافة الى زيادة في مخصص القروض.

الودائع تراجعت خلال النصف الأول على أساس سنوي بحوالي 2 %، إلا أن نسبة التراجع تعتبر مقبولة وفقاً للوضع الاقتصادي الراهن، حيث يمر الاقتصاد بمرحلة إعادة هيكلة، ولكن ما يدعو للتفاؤل أن الودائع ارتفعت بحوالي 0.5 % خلال الربع الثاني مقارنة مع الربع الأول، على الرغم من استرداد ساما للودائع التي ضختها في النظام المصرفي بعد انخفاض أسعار السايبور إلى أقل من سعر الليبور، والتي كانت ستدفع السيولة إلى الخروج بحثاً عن العائد الأفضل في الدولار والذي بدوره سيؤثر سلباً على أسعار صرف الريال.

وكانت ساما قد ضخت نحو 20 مليار ريال سعودي كودائع زمنية نيابة عن جهات حكومية في بعض البنوك بنهاية عام 2016 من أجل زيادة السيولة في النظام المصرفي بعدما ارتفعت أسعار السايبور وذلك من أجل خفضه إلى المستويات التي لا تؤثر على تكلفة الإقراض، وبالتالي لكي لا تؤثر على نمو القطاع الخاص الذي كان يحتاج إلى التحفيز.

وقد استفادت بعض البنوك من هذه الودائع منها البنك الأول وبنك ساب ومصرف الانماء والبنك السعودي الفرنسي، إلا أن هذه البنوك تأثرت كثيراً بعد سحب الودائع منها خلال شهر مايو الماضي حيث تراجعت ودائع البنك الأول بشكل حاد تجاوز 19 % والبنك الفرنسي 10 % وتراجعت ودائع مصرف الإنماء لأول مرة في الربع الثاني على أساس فصلي، بالإضافة إلى إصدار صكوك وسندات دين محلية، ومع ذلك لازالت مستويات السيولة الحالية مطمئنة جداً على الرغم من ارتفاع أسعار السايبور إلى 2.61 لثلاثة أشهر وأصبح الفارق بينه وبين الليبور أكثر من 27 نقطة أساس.

محفظة التمويل المجمعة للقطاع المصرفي تراجعت أيضاً بأقل من 1 % على أساس سنوي، ألا انها ارتفعت 1.5 % على أساس فصلي، الأكثر تراجعاً كان من نصيب محفظة التمويل بالبنك الأول بحوالي 16 %، وهو أعلى تراجع بين البنوك ولعل تراجع الودائع لديه تسببت في تراجع محفظة التمويل ولذلك من المهم للبنك الأول الإسراع في انهاء عملية الاندماج مع بنك ساب للمحافظة على مكتسبات البنك والعودة للنمو من جديد، أما بنك البلاد فقد حافظ على معدلات النمو التي بدأت منذ سنتين حيث حقق توازن في نمو الودائع والقروض بحوالي 16 % وحقق ذات النسبة تقريباً في الإيرادات وصافي الأرباح، أما التحدي القادم سوف يواجه البنوك التي تعتمد بشكل كبير على تمويل الافراد وخصوصاً مصرف الراجحي والبنك الأهلي الذين يستحوذان على حصة تتجاوز 60 % من شريحة الأفراد وذلك بعدما يتم تطبيق التمويل المسؤول الذي يعتمد على القدرة الائتمانية للعميل وفق مصادر الدخل ومصارفها فلذلك سوف تتقلص قيم التمويل، وهو ما يعني انخفاضاً كبيراً لمحافظ التمويل بتلك البنوك وعليها من الآن البحث عن بدائل تعزز نمو المحافظ التمويلية ومنها تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

القطاع البنكي هو مرآة الاقتصاد ومحركه الرئيسي، وتحظي البنوك السعودية بميزة تنافسية جعلتها من أعلى بنوك العالم من حيث نسبة الأرباح حيث إن البنوك لديها ودائع كبيرة غير مكلفة، وأيضاً الدولة لا تستقطع منها أي ضرائب باستثناء الزكاة التي تستقطع من كل الشركات وتمثل أرباح البنوك ما يقارب 35 % من أرباح الشركات في السوق السعودية، ولذلك فهي داعمة للسوق ومؤثرة فيه وسوف تكون جاذبة للاستثمار الأجنبي عند الإدراج الفعلي في المؤشرات العالمية، ومع هذه الأرباح العالية والنمو المتواصل فإن المطالبة تتزايد على البنوك للقيام بدورها في تنمية الاقتصاد ودعمه ليس فقط من خلال تمويل الشركات الكبيرة أو تمويل الأفراد المحولين لرواتبهم وإنما الحاجة تتطلب دعم وتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكذلك دعم أفكار ومشروعات الشباب والتخفيف من الطلبات التي يعجز عنها الكثير من رواد الأعمال والتي عادة تقف عائقاً أمام تحقيق أحلامهم، كما أن للبنوك دور مهم في استقطاب الموارد البشرية وتنميتها وتدريبها وفق أفضل المعايير وخلق بيئة جاذبة ومستقرة، والمساهمة مع وزارة العمل في التخفيف من مشكلة البطالة من خلال توطين جميع الوظائف ومنها مراكز الحوالات التي لازالت بها أعداد كبيرة من الوافدين، وعدم الانجراف وراء المقترحات التي تهدف الى تقليص عدد العاملين سواء بإقفال باب التوظيف أمام الخريجين الجدد أو من خلال الاستغناء عن الموظفين الحاليين حتى لو كان على كان ذلك على حساب زيادة المصاريف الإدارية، فالوقت الراهن نحتاج إلى تغليب مصلحة الوطن على مصلحة الكيان.



نقلا عن الرياض