التوطين من القمة

21/06/2018 2
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني
كتبت مقالات عديدة عن توطين الوظائف، وأشرت فيها إلى أهمية التوطين الفعّال، المبني على حاجة الاقتصاد من الكفاءات الوطنية، وليس التوطين المضلل الذي لا يساهم في توطين الوظائف وبناء اقتصاد وطني يعتمد على السعوديين والسعوديات. وقد اتبعت الحكومة سياسات عديدة لتوطين الوظائف بعضها نجح وبعضها واجه عقبات اجتماعية وهيكلية وإدارية ومهاراتية، لذلك يجب تأهيل المتقدمين للوظائف لأداء عملهم بكفاءة عالية.
 
وبالرغم من تأهيل معظم السعوديين الذين يبحثون عن عمل، إلا أنهم يواجهون تيارا قويا شعاره إشاعة أن السعودي لا يصلح للعمل وغير جاد. المقاومة الشرسة ضد توطين الوظائف واضحة في بعض الشركات، لكنها خفية وتآمرية في معظمها. وكنت أتمنى من القائمين على السعودة دعم ما يكتبه الاقتصاديون حولها والتواصل معهم لنقل الحقائق المزعجة عنها، حيث تصلني شكاوى كثيرة من المواطنين الذين يعملون في العديد من الشركات السعودية والأجنبية التي يديرها عدد كبير من الوافدين الذين يقاومون توطين الوظائف.
 
ويجب أن نكون على درجة عالية من الشفافية لننظف شركاتنا من الذين يقاومون توطين الوظائف، فهم يستغلون كافة السبل لمضايقة المواطنين الذين يعملون بها، والمخيب للآمال أن نسبة قليلة من السعوديين في المراكز العليا يتواطؤون معهم؛ إما لحماية مصالحهم الشخصية، أو لأنهم لا يرغبون أن يصبح المواطنون الأكفاء منافسين لهم.
 
أرى أن السعودة الفاعلة تبدأ في المراكز القيادية العليا في الشركات السعودية التي يسيطر عليها بعض الوافدين الذين لا يرغبون في توظيف المواطنين، بل يحاولون استقدام وتوظيف ابناء بلدانهم لسبب أو لآخر، فالمعلومات المتداولة بينهم تشير إلى أن بعض مديري الشركات السعودية من الوافدين يجلبون ابناء جلدتهم بطرق غير أخلاقية ومنها الرشوة؛ للحصول على وظائف في تلك الشركات. وهذه السلوكيات السلبية - بلا شك - تشير إلى الحاجة السريعة لفرض توطين الوظائف في المستوى الأعلى؛ لأن المخلصين من المواطنين الذين سيتقلدون مناصب عليا سيكونون دعما للمواطنين المؤهلين للوظائف الدنيا.
 
ويجب ألا نتوقع من القياديين الوافدين في الشركات السعودية والأجنبية أن يكونوا على مستوى عالٍ من الولاء والتفاني للشركات السعودية أو للسعوديين الذين يبحثون عن عمل في تلك الشركات، فقد خرجت بحقائق عديدة من دراسة مقارنة للولاء الوظيفي والتنظيمي بين السعوديين وجنسيات وافدة، حيث تشير نتائج الدراسة الميدانية التي قمت بها إلى أن السعوديين أكثر ولاء من الوافدين، وأكثر استقرارا وظيفيا، وأكثر التزاما، وأقل فسادا من غيرهم من الموظفين الوافدين.
 
الخلاصة.. أن توطين الوظائف في سوق الخضار والفواكه وفي المهن الأخرى التي لا تتطلب مهارات عالية لا يكفي، إنما التوطين الفعّال يبدأ في الوظائف العليا التي يحاول الوافدون الهيمنة عليها لأنفسهم وابناء جنسياتهم، وبذلك يستبعدون السعوديين منها.

نقلا عن اليوم