تطوير مهنة المحاسبة .. بين الجامعات السعودية والهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين

24/04/2018 0
د. عبدالله بن محمد الملحم

تسعى الكثير من الجامعات المحلية والعالمية إلى تطوير مناهجها الدراسية بشكل دوري ومستمر بما يتواكب مع التطورات التي تحدث في هذه المجتمعات وسعيا منها للحصول على الاعتمادات الأكاديمية ومتطلبات الجودة. حيث يعد التعليم الجامعي ركيزه أساسية من ركائز المجتمع ومن الدعائم الأساسية التي تدفع بعجلة الاقتصاد والتنمية في البلدان. ولعل من أهم هذه التخصصات التي تتأثر بشكل مباشر بما يحدث من تغيرات في المجتمعات خصوصا التغيرات الاقتصادية هو تخصص المحاسبة بجميع فروعه حيث أن المحاسبة تتطور تبعا لتطور الأنشطة الاقتصادية في المجتمع. حيث أنه من المهم والضروري أن تقوم الجامعات والمؤسسات التعليمية إلى إحداث تغير وتطوير في مقرراتها الدراسية الذي سوف ينعكس بشكل مباشر وملحوظ على خريجيها بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل. 

ولعل أهم التغيرات الاقتصادية التي حدثت في المجتمع السعودي في السنوات الأخيرة جعل الجامعات السعودية متمثله في مجالس الأقسام العلمية ولجان الخطط الدراسية إلى النظر والوقوف على إحداث تغيير في مفردات ومحتويات بعض المقررات المحاسبية، حيث أن تحول المملكة إلى تطبيق المعايير الدولية للتقارير المالية IFRS  جعل أقسام المحاسبة في الجامعات السعودية إلى تغيير محتويات بعض مقررات المحاسبة المالية بما يتواكب مع هذه المعايير، أيضا تطبيق ضريبة القيمة المضافة في المملكة العربية السعودية في مطلع عام 2018 أحدث تغيير في مقرر الزكاة والضرائب وعن كيفية المعالجة المحاسبية عن ضريبة القيمة المضافة في الدفاتر المحاسبية، والتحول من الأساس النقدي إلى أساس الاستحقاق في الوحدات الحكومية أدى وبشكل أساسي إلى تحديث في مقرر المحاسبة الحكومية بما يتواكب مع هذا التغيير. وإذا نظرنا إلى المنشآت الصناعية فإنها تفرض وبشكل مستمر على الجامعات السعودية إلى تحديث مقررات المحاسبة الإدارية والتكاليف وتطبيق أساليب جديدة وحديثة في مجال المحاسبة الإدارية يفرضها سوق العمل.

ولكن هل يقع هذا العبء فقط على الجامعات السعودية؟ أم هناك جهات مسؤولة تشترك مع الجامعات السعودية في هذا التطوير والتغيير. في وجهه نظري لابد من تظافر الجهود، للوصول إلى الهدف المنشود. وأعنى هنا بتضافر الجهود بأن العبء ليس فقط على الجامعات السعودية وإنما أيضا هناك جزء من المسئولية يقع على عاتق الجهات المسؤولة عن تنظيم المهنة في المملكة العربية السعودية وهي الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين. 

كما تعلمون بأن مهنة المحاسبة تتميز عن غيرها من المهن بالتطور السريع النابع من التغيرات المتسارعة في عالم الأعمال والاقتصاد، والتي تدفع بالهيئات المهنية إلى إصدار وتحديث معايير محاسبية تعنى بهذه التطورات وتنسجم معها. فلا يمكن أن نتصور أن تنعكس هذه التطورات على المهنة مالم تنعكس على المهنيين في المقام الأول-وأعني بذلك المحاسبين والمراجعين على حد سواء، من خلال تطويرهم وتدريبهم. ويتم ذلك عبر طريقتين أساسيتين وهما، أن تكون هذه التحديثات والتطورات قد انعكست على المقررات الدراسية التي درسها المهني في المرحلة الجامعية وهذا هو الدور الأساسي لأقسام المحاسبة في الجامعات السعودية تطوير مقرراتها بما يتواكب مع التغيرات الاقتصادية ومنظمات الأعمال، أو أن يقوم المهني بتعلُم هذه المعلومات ومواكبة هذه التطورات بعد المرحلة الجامعية وذلك عبر دراسة برامج الزمالة، أو حضور الدورات التدريبية المتخصصة عبر برامج التعليم المستمر.

إنني على يقين بأن تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين وأقسام المحاسبة في الجامعات السعودية سوف يساهم بشكل كبير في تطوير المهنة، وذلك عبر مجموعة من المشاريع التطويرية التي قد تقع على عاتق الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين بالتعاون مع الجامعات السعودية. ولعل من أبرز ملامح هذه الشراكة هي:

1-إنشاء اعتماد أكاديمي برامجي لبرنامج البكالوريوس في المحاسبة تشرف عليه الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين مع التنسيق مع الجامعات السعودية بالتعاون مع هيئة تقويم التعليم، حيث أن وجود مثل هذا الاعتماد سوف يعطي خريج المحاسبة ميزة تنافسية في سوق العمل ويعمل على تطوير البرامج المحاسبية في الجامعات السعودية. 

2- العمل على إعادة تصنيف دوري ومستمر لبرامج المحاسبة في الجامعات السعودية يضمن مواكبتها لسوق العمل ومدى ملاءمتها لاحتياجات المجتمع. 

3-المساهمة في تطوير أعضاء هيئة التدريس في أقسام المحاسبة وذلك بعمل الورش والدورات التدريبية لهم خصوصا في المواضيع الحديثة في شتى فروع المحاسبة لمحاوله ربطهم بالواقع العملي وما يحدث فعلا في سوق العمل. 

4-فتح قنوات اتصال بين الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين وطلاب وطالبات أقسام المحاسبة في الجامعات السعودية من حيث تقديم المنح الدراسية لهم في دفع رسوم الدورات التدريبية واختبارات الزمالة. 

ولا نغفل دور الجامعات في تطوير هذه الشراكة وذلك من خلال تزويد الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين بمكاتب خاصة لها في أقسام المحاسبة في الجامعات السعودية، تهدف هذه المكاتب بتعريف الطالب بدور الهيئة والإجابة على أهم التساؤلات والاستفسارات سواء من أعضاء هيئة التدريس أو الطلاب. وقد يكون وجود مثل هذه المكاتب في كليات إدارة الأعمال يعزز الشراكة المجتمعية بين الجامعة والمجتمع. 

وختاما فلابد من توحيد الجهود بين الجامعات السعودية والهيئة والعمل جنبا بجنب لتطوير المهنة والسعي قدما لتحقيق اقتصاد مزدهر، والاستثمار في التعليم والتدريب وتأهيل أشخاص مهنيين قادرين على فهم التغيرات الاقتصادية واتخاذ القرارات الاستثمارية والمالية المناسبة.

خاص_الفابيتا