محطات انتاج الطاقة المستقلة ضمان أرباح للمستثمر وخسارة للوطن والمواطن

16/04/2018 0
م. عماد بن الرمال

مشاركة القطاع الخاص في انتاج وتملك محطات الطاقة الكهربائية أو ما يسمى محطات انتاج الطاقة المستقلة وما يطلق عليه البعض خصخصة قطاع انتاج الطاقة، بدأت في المملكة قبل ٨ أعوام ونمت بسرعه حتى استحوذت على ٣٠٪ من حصة السوق .

ومن خلال برنامج التحول الوطني فقد اعلنت وزارة الطاقة نيتها لرفع نسبة مشاركة القطاع الخاص الى ١٠٠٪ في عام ٢٠٢٠ قبل أن يتم الاعلان عن تأجيله حتى عام ٢٠٢٣م.

وقد توقعنا بمقال سابق نشر في أرقام أن منظومة الطاقة تخطو بخطوات معاكسة لأهداف رؤية المملكة ولن تنجح في سعيها لخصخصة قطاع انتاج الطاقة، قبل خمسة أشهر من اعلان الوزارة تأجيل الخصخصه لأسباب شرحناها في وقتها.

وفي هذا المقال سوف اختصر بإلقاء الضوء على المعضلة الكبيرة التي وقعت فيها منظومة الطاقة في توقيع عقودها السابقة مع القطاع الخاص، والتي لا تستطيع الاستمرار في رفع نسبة خصخصة بنفس الطريقة المتبعة سابقا.

فمن خلال التجارب العالمية التي بدأت في بريطانيا منذ تسعينيات القرن الماضي في مشاركة القطاع الخاص بالاستثمار في مجال الطاقة الكهربائية فقد تمخضت تلك التجارب على وصول القطاع الخاص الى قناعة بأن الاستثمار في قطاع الكهرباء محفوف بالمخاطر الكبيرة بسبب تقلب الطلب على الكهرباء ما بين الصيف والشتاء وما بين ساعات اليوم الواحد . وقررت عدم الدخول في تلك المخاطرة ما لم تقوم الدول بتقديم ضمانات بشراء الطاقة كاملة ويضمن  المستثمر أرباحه خلال فترة العقد والتي تتراوح ما بين ٢٠ الى ٢٥ عاما.

وهذا يعني أن الحكومات تتحمل كامل المخاطرة والمسؤولية بالتصرف بفائض الكهرباء عند انخفاض الطلب خلال اليوم الواحد أو فصول السنة.

فنجحت بعض الدول في الدخول مع القطاع الخاص بالاستثمار في الطاقة الكهربائية بسبب أنظمتها بإدارة الفائض أو بتصدير الفائض كما هو حاصل في الشبكة الاوربية المترابطة.

واضطرت بعض الدول الأخرى على مضض مشاركة القطاع الخاص في انتاج الطاقة الكهربائية لافتقارها المبالغ المالية لإنشاء محطات جديدة وكانت النتيجة ارتفاع حاد بفواتير الكهرباء على المدى القصير والبعيد.

كما نجحت دول اخرى بخصخصة قطاع الكهرباء بطريقة الإدارة وليس رأس المال ككوريا الجنوبية بينما دول اخرى كالمكسيك وضعت في دستورها ما يمنع ادخال القطاع الخاص في شبكتها الكهربائية فارضةً على منظومتها الكهربائية اصلاح نفسها بنفسها.

وفي المملكة فإن التجربة ما زالت في مرحلة التقييم من استحواذ القطاع الخاص على ٣٠٪ من كمية الانتاج والتي بدأت عام ٢٠١٢.

فلم يرافق تلك التجربة إدارة لأحمال الكهربائية الفائضة التي تصل الى ٥٠٪ في فصل الشتاء وبحدود ٣٠٪ في فصل الصيف، كذالك فإن المملكة لا تنقصها السيولة المتوفرة لدى القطاع الخاص لبناء محطات توليد جديدة.

وكانت النتيجة أن محطات الانتاج المستقل تحقق الأرباح المضمونة نتيجة لحصولها على الضمانات بشراء كامل الانتاج ( ٨٠-١٠٠٪) وتتحمل بنفس الوقت الدوله الخسائر بشراء طاقة لا حاجة لها فيها في معظم أوقات السنة.

هذه الخسائر غير معلنة من منظومة الطاقة الكهربائية نتيجة لهيكلتها المغلقة واحتكارها في تقديم الخدمة واحتكارها  لسلطات كبيرة .

لكنها بنفس الوقت لا تستطيع تحقيق نسبة ١٠٠٪ خصخصة لقطاع الانتاج لان الخسائر الكبيرة التي سوف يتم تسجيلها والارتفاع الحاد في تكلفة الكهرباء لا يمكن اخفائه.

أمام منظومة الطاقة تغيرات جذريه في هيكلتها الادارية وفي طريقة خططها الاستراتيجية كي تستطيع مواكبة التصحيح الاقتصادي الذي نعيشه حاليا في رؤية ٢٠٣٠.

ولا يوجد أي مبرر في التأخر بالقيام بأي خطوة في اتجاه تحقيق أهداف الرؤية خلال العامين المنصرمين سوى رفع أسعار الكهرباء.

وما أقدمت عليه شركة الكهرباء في عام ٢٠١٧ من الاستحواذ على شركة شراء الطاقة المهمة جدا بالتحكم بمستقبل الطاقة الكهربائية عاكسة اتجاه الرؤية في التحول الى المنافسة وعاكسة اتجاه هيئة تنظيم الكهرباء التي أعلنت بأن هذه الشركة يجب أن تكون مستقلة وعاكسة إرادة وزير الطاقة التي ذكر في أحد تصريحاته وجوب استقلالية تلك الشركة.

تضع علامات استفهام على قدرة اصلاح منظومة الطاقة نفسها بنفسها .

أو أننا وصلنا الى مرحلة للتدخل من خارج المنظومة لإعادة وضعها في السكة الصحيحة لتحقيق أهداف الرؤيه.

وترك الأفراد الذين ما زالوا غير مستوعبين لمرحلة التصحيح ورافضين ركوب قطار الرؤية وحيدين مع أفكارهم المتحجرة.

خاص_الفابيتا