الشمسية: النفط الجديد

05/04/2018 2
م. برجس حمود البرجس

بعد 85 عاما لهيمنة السعودية وقيادتها لأسواق النفط العالمية، والتي جعلتها متمركزة ضمن الدول العشرين الأكبر اقتصادا بالعالم، السعودية قادمة وبقوة مستهدفة دورا رئيسيا في أعمال «الطاقة الشمسية» وأسواقها لإنتاج وتصدير الكهرباء من «الشمسية» وتكنولوجياتها ومعداتها وأبحاثها.

هذا ما كنا نطالب به منذ سنوات، التطوير والإنتاج والتميز للطاقة والصناعات المتقدمة والتكنولوجيا. كتبت مقالا قبل خمسة أشهر بعنوان «نعمة النفط والشمس والرمال»، الشمس كمصدر أشعة، والرمال كمكونات أساسية للألواح الشمسية، وهما بالإضافة للنفط نعم من نعم الله التي حبانا الله بها، وأتى الفكر لتحسين استخدام الموارد.

خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان الأسبوع الماضي للولايات المتحدة الأمريكية، تم توقيع مذكرة تفاهم مع «سوفت بنك» لاستثمار 5 مليارات دولار مبدئيا لأكبر عمل لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بالمملكة العربية السعودية وبالشراكة مع الشركات الدولية ذات التخصص، مستهدفين (مبدئيا) مشروعين بالسعودية خلال عام 2019 بقدرة إنتاجية 7.2 جيجاوات، ومستهدفين الوصول إلى 200 جيجاوات قبل عام 2030.

هذا العمل ينقسم إلى قسمين، الأول توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والآخر صناعة الألواح الشمسية، للاستهلاك المحلي والتصدير للخارج.

الخطة تتضمن تأسيس شركة جديدة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وتصنيع أنظمة تخزين الطاقة الشمسية داخل السعودية، وتأسيس مراكز للبحوث والتطوير للطاقة الشمسية وأعمالها، وإنتاج ألواح الطاقة الشمسية بكميات كبيرة تكفي للداخل وتصدر للخارج وستساهم في هيمنة السعودية على هذه الصناعة عالميا، حيث سيكون إنتاج المملكة نحو 200 جيجاوات، وللمقارنة، الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية اليوم بالعالم قدرتها 400 جيجاوات، وكذلك الطاقة المنتجة من النووي اليوم بالعالم قدرتها 400 جيجاوات، وها نحن نستهدف إنتاج 200 جيجاوات من الطاقة الشمسية، مما سيجعلنا المنتج الأكبر بالعالم.

هذه الأعمال ستولد 100 ألف وظيفة بالسعودية، وهي من الوظائف المنتجة وذات الرواتب العالية، أيضا هذه الأعمال ستساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بنحو 45 مليار ريال، بالإضافة إلى توفير 150 مليار ريال كانت تصرف على إنتاج الطاقة اليوم.

ستتميز السعودية بعوامل أخرى بالإضافة للشمس والرمال، ومنها توفير الغاز من البحر الأحمر، والذي سيستخدم في تجهيز السليكا المستخدمة في إنتاج الألواح الشمسية، وكذلك وفرة النحاس والأسلاك المعدنية التي أيضا ستستخدم في هذه الصناعات وتتميز بها السعودية عن غيرها من بقية دول العالم.

أهمية هذا المشروع بالنسبة للمملكة مثل اكتشاف النفط قبل 85 سنة، والمزايا المتاحة للمملكة ليست متاحة للدول الأخرى حيث الشمس والرمال والاستثمارات والمواد الأخرى لا توجد جميعها في مكان واحد، وهذا يعطي المملكة ميزة السيطرة عالميا على صناعة الطاقة الشمسية وتلبية الطلب المحلي والعالمي.

بالتأكيد سيكون للمملكة عدة نماذج لإمدادات الكهرباء لخارج المملكة، فقد يكون لها شركات ببعض الدول لتنتج الكهرباء في تلك الدول من الطاقة الشمسية، وهناك نماذج لتصدير الألواح الشمسية وأيضا نماذج لتقديم الدراسات والبحوث للخارج، وأيضا ربما تصدير الكهرباء للهند والصين، حيث يسكنهما 33% من سكان العالم، وغالبيتهم لديهم اليوم كهرباء محدودة ويتوقع زيادة الاستهلاك لديهم بشكل كبير جدا.

دعونا نذكر أنفسنا كمجتمع ومؤسسات وزارية وتعليم وقطاع خاص بأن «خطة الطاقة الشمسية 2030» تضع خارطة الطريق، والدور المطلوب منا هو تطوير التعليم والجامعات وتطوير القطاع الخاص وتطوير الكوادر البشرية، التنفيذ سيواجه تحديات كبيرة مثل أي قطاع آخر وأعمال أخرى، فالتميز لا يأتي بدون مجهود كبير ونقلة نوعية.

 

نقلا عن صحيفة مكة