هيئة حماية عملاء البنوك والمؤسسات المالية !

04/04/2018 2
سعيد بن ناصر القحطاني

لو أراد تاجر بيع منتج إستهلاكي كغلاية أو مقلاة كهربائية , فإن الموضوع صعب ويمر بإجراءات طويلة مع الجمارك والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة وغيرها من الهيئات لضمان سلامة وحقوق العميل , وحتى بعد شراء العميل لهذه الغلاية تتابع وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك المنتج حتى تضمن إستمرارية سلامة وحقوق هذا العميل وقد يسحب من السوق إذا ثبت ضرره على العميل في أي وقت.

بالجهة المقابلة البنوك والمؤسسات المالية تصمم منتجات مالية (عقارية, استهلاكية, بطاقة إتمانية ..الخ ) شديدة الخطورة على العميل وعائلته وتسوقها  بكل سهولة وبدون أنظمة وقوانين تتحقق من صلاحيتها. على سبيل المثال, قروض السايبر المتغيرة Adjustable-rate mortgage, والتي قد تزيد أقساطها مع الوقت, هي قنابل مؤقتة سوقتها البنوك وتورط فيها العميل ؟ المشكلة الكبيرة أن بعض العملاء قد لايستطيع المواصلة في سداد هذه القروض, لمحدودية راتبه وأيضا لإحتمالية زيادة أسعار الفائدة والأقساط في السنوات القادمة ,و حتى لو تم  إعادة جدولتها لأنها منتجات مالية تالفة.

فالمنتجات المالية الحالية معقدة ومن صعب فهمها ومقارنتها بالنسبة للعميل الغير متخصص, لذلك من الضروري وجود أنظمة وقوانين تحمي حقوق العميل .فالعميل البسيط لايحتاج خبرة هندسية حتى يشتري خلاطة كهربائية, ولكن يعلم أن هناك وزارة التجارة وهيئة للمواصفات والمقاييس وأيضا جمعية لحماية حقوق المستهلك "خلفه " تحمي حقه حتى ولو بعد إستخدام هذه الخلاطة الكهربائية . فلماذ نطلب من عميل البنك أن يكون خبير مالي وإقتصادي وقانوني, ونترك المسؤول الأول وهم البنوك والمؤسسات المالية التي صممت هذا المنتجات المالية المعيبة و التالفة بدون أنظمة وقوانين كافية تستطيع حماية العميل.

الأنظمة والقوانين المطورة  في سوق السلع الأستهلاكية نجحت في تنظيم سوق المنتجات الأستهلاكية, لذلك سوف تنجح بالضرورة مع منتجات البنوك والمؤسسات المالية .

فضعف الأنظمة والقوانين في سوق القروض يزيد من خطورة منتجات البنوك على الأقتصاد وأيضا على  العميل وعائلته, حيث انها تلتهم الجزء الأكبر من راتب العميل على حساب عائلته، خصوصا أن هذه المنتجات المالية فيها خصائص تجعل من الصعوبة الأستفادة من الخبرات السابقة لعملاء البنوك والمؤسسات المالية, بسبب "تصميمها المعقد" وأيضا لأنها تأخذ "طابع السرية", وطول فترة الأستحقاق والسداد, وهذا يجعل من الصعب تصحيح كوارث منتجات البنوك في الأجل القصير, وبالتالي تراكم الأزمات على الأمد الطويل.

أيضا ضعف الأنظمة والقوانين جعلت القوة التفاوضية للعميل ضعيفة أمام البنوك, مع أن العميل يجمعه عقد تجاري مع البنك, فالعلاقة هنا ليست  فضل من البنك ومنه ولكن هذا عقد تجاري المفترض أن يكون بين أطراف متكافاءة .

فالبنك يستعين بخبرات الشركات القانونية العريقة لفرض عشرات الشروط والأوراق التي يوقع عليها العميل وأيضا يحجز  راتب العميل مع العديد من الضمانات مثل الأحتفاظ بملكية العقار و سند الأمر وغيرها, بينما  العميل لايملك الحق حتى في التفاوض في ظل هذ البيئة شبه الأحتكارية التي تعمل فيها البنوك والمؤسسات المالية  أخيرا ضعف الأنظمة والقوانين, ساهم في تسويق فلل كرتونية غير صالحة للأستخدام, ولو عرف البنك انه مسؤول أيضا كالعميل في سلامة المنتجات العقارية التي يمولها , لضمنا سلامة العميل, ورفعنا أيضا كفاءة السوق العقاري والمالي .

لذلك الحل هو  في إنشاء جهة حكومية مستقلة ومتخصصة في حماية عملاء البنوك والمؤسسات المالية تساهم في التطوير المستمر للأنظمة والقوانين في سوق القروض, مثلا كتحويل إدارة حماية العملاء في مؤسسة النقد إلى  جهة مستقلة, تتابع المنتجات المالية في السوق وتقيم صلاحيتها وتسحب المعيب والخطير منها, أيضا هذه الجهة لن تحل مشكلة زيد من العملاء بل أيضا سوف تدرس الأسباب الرئيسية وتحل هذه المشكلة لجميع العملاء في المستقبل فالنتيجة هنا تراكم كبير من التطوير للأنظمة والقوانين يساهم في إستقرار الأقتصاد والسوق المالي في الأجل الطويل. ايضا هذه الجهة سوف تستعين بجهات قانونية متمرسة كالتي تستعين بها البنوك لمراجعة وتدقيق  العقود التي يوقع عليها العملاء.

أيضا وهو المهم هذه الجهة سوف تصنف المنتجات المالية للبنوك بشكل بسيط يسهل على العميل فهمه كاتصنيفها على درجات بحسب جودتها (أ,ب, ج) أو غيرها من الحلول. أخيرا, هذه الجهة سوف تساهم في دعم الميزان التفاوضي بين العميل والبنك والنتيجة أن العقد بينهم سوف يعبر عن علاقة تجارية بين أطراف متكافاءة , فلايحصل الغرر والتعسف في حق العميل.

خاص_الفابيتا