اقتصاديات التصنيع الحربي

02/04/2018 0
فواز حمد الفواز

أتذكر انه على اثر احداث 9/11 ان الواشطن  بوست نشرت سلسلة من المقالات حول تصنيع الصواريخ الباليستية  من خلال تجربة كوريا الشمالية والعراق و ايران وانتهت الى ان تجربة ايران هي الاكثر عمقا تنظيميا حيث عملت ايران الى توطين التقنية من خلال تطوير المنظومة الداعمه ( Eco-system- الأيكو سيستم) والعراق الأضعف وكوريا بينهما.

جاء في بالي هذا التحقيق الصحفي على اثر عزم المملكه في تطوير الصناعات العسكرية . لن يجد اي مهتم بالصناعة غرابة في الربط بين البيئة الداعمة للصناعة عموما والتصنيع الحربي خصوصا بالرغم مما يتبادر لأذهان الكثير عن المحاذير حول الامن ونقل التقنية او المعطيات الفنية . السيطرة على عملية التصنيع وكفاءة عناصر المنظومة الداعمة تجعل التصنيع الحربي خيار ممكن وامتداد طبيعي على الاقل في نطاق المستوى المتوقع مرحليا .

عناصر ألمنظومه الصناعية تتكون من ايجاد التوازن الفاعل بين دور القطاع العام والقطاع الخاص حيث أنجزت المملكه من خلال سابك وماسبقها وغيرها من الاستثمار في الصناعات البيتروكياوية والمعدنية الشي الكثير، وتتطلب ايضا عزم اداري يتمثل في تأسيس وزاره مختصة للصناعة الى ان دمجت مع وزاره الطاقة نظرا للتكامل بينهما ولكن هناك مخاطر إدارية حيث كلما يكبر الجهاز البيروقراطي كلما تضعف علاقته بالحقائق على الارض وتحقيق الاهداف الدقيقة والقدرة على استهداف صناعات محددة وبتواصل وعزيمه، دمج وزاره الصناعه مع الطاقه مفهوم من حيث العلاقة العضوية ولكنه تنظيميا جعل الصناعه في موقع اقل في قائمة الاولويات،  وتتطلب أيضاً التنبه على الترابط الأفقي والراسي في الصناعه من ناحية وعلاقته مع سلسلة الإمداد الدولية (supply chain )، وكذلك أيضاً مدى الكفاءة في اعداد العناصر البشرية تعليميا وفنيا، وأخيرا القدرة على توثيق العلاقة تفاعليا مع مراكز البحث والجامعات، إذ بدون تغذية الصناعه بالكوادر وتحفيزها لن يحدث توطين للمعرفة والمهارات .

فمثلا تنتهي غالبا جودة الصناعة بمدى كفاءة العامل الفني في درجة دقته ورغبته في التعلم والعمل على رعاية العناصر الفاعلة . هذه العناصر تشكل الأيكو سيستم، يصعب ان تتكون صناعه على درجه من الكفاءة والديمومه دونها ، فاي خلل في احدها تبدأ الصناعه عرجاء ومكلفة وغير قابلة للاستمرار. لن تكون كلها متوفرة وعلى قدر من الكفاءة والتكامل من البدايه ولكن عدم وضوح الخارطة ذهنيا وتنظيميا يجعلها في مهب الريح وضحية اخرى للتجاذبات البيروقراطية مهما حسنت النوايا. 

لذلك لا اجد فرقا مؤثرا بين الصناعات الحربية ودرجة التصنيع في المجتمع عموما . فالسيطرة وتطويع الايكرونيات والجزئيات  عماد التقدم العلمي والمعرفي للصناعات المدنية والعسكرية على حد سواء، وما يبقى هو تجسيد الرغبة كما عبر عنها ولي العهد والتطبيق واعداد الطواقم الادارية والفنية والمرونة المهنية . لحسن الحظ تقدمت المملكة في الصناعة وبدات في التصنيح الحربي منذ عقود . ولكن صناعة السلاح لم تجد عناية مركزه على مدى عقود مما أخل بميزان المدفوعات التجاري وساهم في قلة الرعاية بالترابط آلتصنيعي أفقيا وراسيا . في نظري يصعب ان يحدث اختراق حقيقي قبل الوعي بحالة " الايكو سيستم"  ودون إعطاء العلوم الاساسية في كليات العلوم والهندسة وعلوم المواد والمعادن حقها في التحفيز، فمثلا هناك حاجة للتفريق في مكفاءة الطلاب في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والفلك وغيرها مقارنة بطلاب الدراسات الاجتماعية والانسانية والادارية، تكاثر طلاب العلوم المادية الاساسية سوف يمكن القائمين على الصناعه من الفرز من ناحية وتوفير معلمين اكثر كفاءة لمن لا يرغب في الصناعة .

الاحرى ان تكون صناعه السلاح احد الصناعات المستهدفه مع الكيماويات وصناعة تحلية المياه والطاقة الشمسية والاليكترونيات، طبعا هناك درجة من التخصص والخصوصية  لكل صناعة ولكن التكامل أهم حيث أن بعض التقنيات تتوفر من دول وشركات عن اخرى وحسب الظروف السياسية من ناحية والظروف التجارية ودرجة الحرص على اقتناء التقنية والمرونه في العلاقة بين القطاعين العام والخاص وحتى هناك كان للملكه بعض الخطوات الخجولة ولكنها لم تجد العون الكافي، فلم تحصل الدول على التقنية دون جهود منظمه بعضها تقليدي وبعضها غير تقليدي، فالكثير من الدول تسعى للحصول على التقنيه من خلال طرق غير مباشره. هناك ظروف موضوعية ممكن التعامل معها حسب درجة الرغبة في التقدم والمرونه الذهنية والادارية .

خاص_الفابيتا