شركة الكهرباء .. والإنجازات المتناقضة

26/03/2018 6
م. عماد بن الرمال

الحماسة الكبيرة للإدارة التنفيذية لشركة الكهرباء لإعلان عن إنجازاتهم الجديدة دفعتهم أن لا يكتفوا في التصريحات الإعلامية المتكررة في وسائل الإعلام المختلفة بل أقدموا على سابقة غير متوقعة من الإعلان المدفوع على صفحات كاملة في الصحافة المحلية.

فما هي تلك الإنجازات التي تجعل شركة حكومية محتكرة لتقديم الخدمة تدفع الأموال لإبرازها؟

في مجمل ما تم الإعلان عنه مؤخراً مشاريع جديدة  تم تنفيذها لا يملك المواطن ولا المراقب أي آلية للتعرف عن مدى كفاءة الإنفاق في تلك المشاريع أو حتى كم وظيفة وفرتها للمواطن.

لكن هناك إنجاز ملفت للنظر وهو أحد أهداف برنامج التحول الوطني ٢٠٢٠  لتحقيق أهداف رؤية المملكة ٢٠٣٠ توقفت عنده كثيراً وهو رفع كفاءة تشغيل محطات توليد الكهرباء من ٣٤٪ الى ٤٠ ٪.

وتحقيق ٤٠٪ كفاءة حرارية لمحطات التوليد تعتبر من أعلى المعايير العالمية في قياس كفاءة انتاج الطاقة في المنظومة الكهربائية .

لكن الفترة الزمنية القصيرة التي أعلنت الشركة توصلها لهذه النسبة والتي تفصل ما بين إعلان برنامج التحول الوطني في شهر ٤ من عام ٢٠١٦م وإعلان شركة  الكهرباء تحقيقها في شهر   أكتوبر من عام ٢٠١٧ م أي فترة ١٦ شهراً  يلقى بظلال من الشك الكبير في صحة ما تم إعلانه.

إذ أن من المستحيل أن يتم رفع نسبة الكفاءة الحرارية الى ٤٠٪ في غضون تلك الفترة القصيرة.

فرفع الكفاءة لا يتم عن طريق توفير برنامج صيانة وتشغيل ناجح كما أعلن عنه الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء، بل يتم عن طريق الاستثمار في مبالغ مالية كبيرة جداً لتغيير التربينات المتدنية الكفاءة الى تربينات حديثة عالية الكفاءة وهذا يتطلب وقت طويل جداً يبدأ من ٤ سنوات وإنفاق مبالغ مالية تصل الى مئات المليارات نظرا لحجم وعدد التربينات  المتوفرة في منظومة الطاقة.

وعلى سبيل المثال لتقريب الصورة إذا كان لديك تربينة غازية فإن أقصى كفاءة تصنيعية لها هو بحدود ٣٠٪  ومهما بذلت من برامج صيانة وتشغيل وكفاءة إدارية فأنت لا تستطيع تحقيق سوى المحافظة على قيمة الكفاءة  التصنيعية، وحتى تحصل على كفاءة حرارية أعلى فإنه يتوجب عليك استبدال تلك التربينة بتربينة أخرى وبنظام أخر يسمى الدورة المزدوجة لتصل الى نسبة كفاءة تشغيل ٤٠٪ (وصلت في بعض التطبيقات العالمية الى ٦٢٪ ).

وخلال الفترة الزمنية من ٢٠١٦م و٢٠١٧ م لم تدخل محطات دورة مزدوجة جديدة ، وتوقفت الاستثمارات في بناء محطات جديدة .

بل أن قطاع التوليد الأوسط سحب كفاءة محطات شركة الكهرباء باكمالها الى أدنى مستويتها التي سجلت في عام ٢٠١٦ م عندما تكسرت ٩٠٪ من التربينات في المحطة الثاني عشر الجديدة وخرجت طوال عام ٢٠١٧ عن الخدمة وأيضا الخروج القسري لوحدات محطات التوليد التاسعة عندما شب فيها أكبر حريق شهدته شركة الكهرباء في تاريخها .

وأيضا هناك شواهد أخرى تجعلني لا أصدق هذا الانجاز على وقع المثل الشعبي " كيف عرفت الكذبة قال من كبرها".

وهي الأرقام المعلنة عن ذروة الطلب عام ٢٠١٧ وحجم قدرات الشبكة الكهربائية، فذروة الطلب سجلت ٦١,٥ جيجا وات تقريبا عام ٢٠١٧ وكمية الطاقة الانتاجية المتوفرة هي بحدود ٨٠ جيجا وات وفارق الرقم يدل على تدنى كفاءة التشغيل وسوء التخطيط في الإسراف في بناء محطات توليد لا حاجة لها.

هذا يعني أن لدينا ما يقارب من ١٧ جيجا سجل كفاءة انتاجها صفر في أعلى نقط للطلب على الكهرباء، وهذا بدوره يؤثر على مجمل الكفاءة الحرارية لمنظومة انتاج الطاقة.

ويجعل من الاستحالة لتحقيق رقم كفاءة حرارية ٤٠٪ لمجمل لمحطات توليد الكهرباء، والتي ما زالت تعاني من تدني كفائتها في فصل الشتاء لتدني الطلب على الكهرباء ليصل الى ٥٠٪ من مجمل قدرات التوليد، أو بجملة أخرى فإن ٥٠٪ من محطات الكهرباء تعتبر فائض عن حاجة الوطن والمواطن نتيجة استمرار الفشل في إدارة الاحمال وإزاحة الفائض الكبير..

وما يسبب من تدني كبير في تسجيل رقم كفاءة التشغيل.

توقعت قبل أن تعلن وزارة الطاقة تجميد وتأجيل برنامج التحول الوطني لشركة الكهرباء، وإحداث تغير جذري في مجلس إدارتها لتحقيق أهداف الرؤيه قبل إعلانه بـ ٦ أشهر من خلال مقال لي نشر في أرقام بعنوان " لهذه الأسباب لن تنجح خصخصة قطاع الكهرباء".

وأقول اليوم أن احتكار السلطات لدى الإدارة التنفيذية في منظومة الطاقة الكهربائية سوف يستمر في مقاومة تطبيق أهداف رؤية ٢٠٣٠  التي دعت الى إنهاء هذا الاحتكار والتحول الى التنافسية.

وما نحتاجه اليوم لإنجاح أهداف الرؤية هو فرض التغيير من خارج منظومة الطاقة الكهربائية.

خاص_الفابيتا