صراع الأقلية والأكثرية في الشركات المحدودة «1 - 2»

22/03/2018 0
د. ملحم حمد الملحم

ناقشت في الجزء الأول من هذه المقالة مسألة صراع الأقلية والأكثرية في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، وأشرت إلى أن مثل هذه الصراعات قد توجد في الشركات المساهمة لكن بصور وأشكال مختلفة بحسب طبيعة الشركة المساهمة، وأشرت إلى جزئية الموازنة بين المساهمين الأكثرية والأقلية وبين الشركة. في هذا الجزء نستعرض مثالا من التجربتين الأمريكية والبريطانية.

في إحدى القضايا الأمريكية عام 1981 وتعرف بـ Smith v. Atlantic Properties Inc التي تدور أحداثها حول أربعة شركاء كل شريك يملك 25 في المائة من رأسمال الشركة اتفقوا في عقد تأسيسهم ألا يمضي قرار المديرين إلا 80 في المائة من الشركاء أي أنه يجب موافقة جميع الشركاء الأربعة. كان أحد القرارات التي تطلبت موافقة الشركاء عليها هو موضوع إعلان توزيع الأرباح، ووافق ثلاثة شركاء على ذلك ماعدا ولفسون Wolfson أحد الشركاء رغم تنبيه بقية الشركاء له أن عدم إعلان توزيع الأرباح سينتج عنه غرامة من دائرة الإيرادات الداخلية في الولايات المتحدة IRS، وفعلا قامت دائرة الإيرادات الداخلية بفرض غرامة ونتج عن ذلك أن تحملت الشركة ضريبة أعلى مما كان ينبغي للشركة دفعه. بعد ذلك قام الشركاء الثلاثة بإقامة دعوى ضد الشريك الرابع ولفسون حكمت المحكمة فيها بتحمل ولفسون الأضرار التي نتجت عن امتناعه ورفضه للتصويت على هذا الإعلان، والسبب أن رفض ولفسون كان سببه أن يوفر على نفسه دفع ضرائبه الشخصية. كان من تسبيب المحكمة أن ذكرت أنه لا يوجد مانع قانوني من الاتفاق على متطلب عالي للموافقة على قرارات الشركاء كهذه الحالة، لكن يبقى على المساهمين الأقلية مسؤولية وهي أن تكون تصرفاتهم وموافقاتهم لما هو الأفضل لمصلحة الشركة.

نجد كذلك في التجربة البريطانية أن قانون الشركات البريطاني 2006 جاء ليعطي المحكمة الصلاحية بالدعوة لعقد الاجتماعات بناء على طلب المديرين أو الشركاء، وأعطى النظام الصلاحية والمرونة في أن تضع اشتراطات للاجتماعات بما تراه صالحا مثل أن تقرر أن انعقاد الاجتماع يكون صحيحا بحضور شريك واحد. هذا التوجه البريطاني يظهر وجود آلية أخرى للتعامل مع حالات الصراع التي تتم بين الشركاء بشكل عام والصراعات التي تحدث بين الشركاء الأكثرية والشركاء الأقلية بالتحديد.

وعلى الرغم من أن آلية القضاء هي آلية مكلفة، لكن أرى أنه يمكن أن يتم تبنيها بحيث تكون أحد الخيارات بشرط أن يكون هذا الخيار ضمن آلية قضائية مستعجلة سريعة أو حتى لو دائرة متخصصة في مثل هذه الحالات والنزاعات.

خلاصة المقالة هي على الرغم من إيماننا بأهمية ترك حرية الاتفاقات بين الشركاء حسب رغباتهم وإرادتهم المستقلة، وأن يكون التدخل التشريعي محدودا لكن في الوقت نفسه ينبغي أن توجد ضمانات تحمي الشركة من الأكثرية وضمانات تحمي الشركة من الأقلية الذين تحولوا إلى قوة موازنة للأكثرية إضافة للتضحيات. هذه الحماية يمكن تسميتها بالتوازن أو الموازنة بين مصالح الشركة ككل وبين مصالح الشركاء الأقلية والأكثرية.

ويمكن أن يكون المقترح أنه إذا كان تصويت الشركاء الأكثرية أو الأقلية لأسباب تعسفية أو قام الشركاء بالامتناع عن الحضور والتصويت وسبب ذلك تعطيلهم لمصالح الشركة، فإنه في حالة نتج عن ذلك خسارة على الشركة فإن هؤلاء الشركاء يتحملون المسؤولية الناتجة عن ذلك. هذا المقترح لا ينطبق في حالة كان الشريك لا دور له في التصويت أو القرارات غير متعلقة به، فهذا غير مشمول بهذا المقترح.

 

نقلا عن الاقتصادية