القطاع الخاص يوظف 119 ألفا خلال 2017

21/03/2018 3
عبد الحميد العمري

نجح القطاع الخاص في توظيف أكثر من 119.2 ألف مواطن ومواطنة خلال 2017، مقارنة بانخفاض الفرص الوظيفية خلال 2016 بنحو 63.7 ألف وظيفة للذكور والإناث، وفقا لأحدث بيانات صادرة عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، مع التأكيد على أن صافي تلك الزيادة السنوية في التوظيف بنحو 6.2 في المائة خلال العام الماضي، تركزت خلال الثلاثة أرباع الأخيرة من العام، حيث أظهرت بيانات الربع الأول من العام انخفاض العمالة الوطنية في القطاع الخاص بنحو 15 ألف عامل (11.1 ألف عامل من الذكور، 3.9 ألف عاملة من الإناث)، ليختلف مسار الأمور مع بداية الربع الثاني من العام الماضي، بارتفاع أعداد وظائف المواطنين والمواطنات في القطاع الخاص خلال الربع بأعلى من 10.6 ألف فرصة عمل، ارتفعت خلال الربع الثالث إلى نحو 16.0 ألف فرصة عمل، لتصل إلى ذروتها خلال العام الماضي بنهاية الربع الرابع بزيادة ناهزت 92.7 ألف فرصة عمل.

في المقابل، انخفضت أعداد العمالة الوافدة في القطاع الخاص خلال العام نفسه بنحو 585.5 ألف عامل وافد (انخفاض 598.1 ألف عامل من الذكور، ارتفاع 12.6 ألف عامل من الإناث)، أي بانخفاض في العمالة الوافدة بلغت نسبته السنوية 6.9 في المائة (انخفاض بنسبة 7.2 في المائة للذكور، ارتفاع 6.6 في المائة للإناث)، وحسبما تظهر البيانات ربع السنوية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، فقد تركز الانخفاض في جانب الذكور، الذي أخذ منحنى متصاعدا في الانخفاض منذ بداية العام، بدأه خلال الربع الأول من 2017 بانخفاض العمالة الوافدة من الذكور بنحو 73.6 ألف عامل وافد، تصاعد الانخفاض خلال الربع الثاني إلى أعلى من 111.9 ألف عامل وافد، ثم بانخفاض أكبر خلال الربع الثالث بأعلى من 130.0 ألف عامل وافد، ليختتم الربع الرابع من العام الماضي على أكبر انخفاض في العمالة الوافدة بأعلى من 282.5 ألف عامل وافد.

ولعل القارئ يلاحظ في التطورات أعلاه، أنه مقابل انخفاض العمالة الوافدة من الذكور بنحو 600 ألف عامل وافد، لم تتجاوز زيادة توظيف في العمالة المواطنة من الذكور 54 ألف عامل للفترة نفسها، أي مقابل انخفاض نحو 12 عاملا وافدا حل مكانهم عامل مواطن واحد فقط، وهو ما يعكس عديدا من الحقائق حول نوعية الوظائف المتوافرة في منشآت القطاع الخاص، لعل من أبرزها توافر كثير من الوظائف غير المنتجة في الأصل، عدا تلك التي لا يناسب مستواها الوظيفي ولا من حيث الدخل الشهري رغبة وتطلع الباحث عن عمل من المواطنين، وكيف أن منشآت القطاع الخاص تمكنت من تسوية أوضاع وتكاليف العمالة لديها، بطريقة وفرت لها جزءا جيدا من تكاليف الأجور الشهرية المدفوعة لعمالتها الوافدة (12 عاملا وافدا)، إضافة إلى توفيرها على ميزانياتها السنوية جزءا لا يستهان به من الرسوم الجديدة المفروضة على العمالة الوافدة ومرافقيها، كل ذلك مقابل مزيد من توظيف العمالة الوطنية (عامل مواطن مقابل 12 عامل وافد)، ودفعها إلى مزيد من الاعتماد بنسبة أكبر على أتمتة خطوط الإنتاج والتشغيل لديها، عوضا عن تكديس عشرات الملايين من العمالة الوافدة، والاكتفاء بوجود العمالة الوافدة الأعلى تأهيلا وإنتاجية.

اللافت هنا؛ أن هذه الارتفاعات المتصاعدة لوظائف العمالة الوطنية في القطاع الخاص، والتراجعات المتزايدة لأعداد العمالة الوافدة خلال العام الماضي، صاحبها تحسنا ملموسا في معدل النمو الحقيقي للقطاع الخاص، فبعد أن انكمش نمو القطاع خلال الربع الأول من 2017 مقارنة بالربع المماثل من 2016 بنحو 0.1 في المائة، تمكن من النمو خلال الربع الثاني بمعدل سنوي 1.0 في المائة، ثم النمو خلال الربع الثالث بمعدل سنوي 3.0 في المائة، ثم النمو خلال الربع الرابع بمعدل سنوي بلغ 3.1 في المائة، ليتمكن مع نهاية العام الماضي من تحقيق معدل نمو حقيقي سنوي بلغ 0.7 في المائة، مقارنة بنموه الحقيقي البالغ 0.6 في المائة خلال 2016.

لا شك أن كل ما تقدم من تطورات إيجابية خلال أقل من عام واحد فقط، ليس إلا بداية لتصحيح طويل الأجل لأوضاع سوق العمل المحلية، يتطلب استمراره لأعوام مقبلة، ويتطلب أيضا مزيدا من الإجراءات والقرارات الهادفة لمزيد من توطين الوظائف في منشآت القطاع الخاص، والعمل على تنويع برامج التوطين الراهنة، وأن تأخذ في اعتبارها ضرورة التركيز على توطين الوظائف الأساسية والعليا والتنفيذية في مختلف منشآت القطاع الخاص، التي ما زالت حتى تاريخه في منأى بعيد وآمن عن مقصلة برامج التوطين، وهو الأمر الذي يجب ألا تتأخر عنه وزارة العمل، قياسا على تصاعد نسبة استحواذ العمالة الوافدة على الوظائف العليا والتنفيذية والمناسبة في الأصل لأغلبية الباحثين عن عمل من المواطنين والمواطنات، حيث ارتفعت نسب استحواذ العمالة الوافدة على تلك الوظائف المجدية جدا من أدنى من 10 في المائة إلى ما يقارب نصف أعداد تلك الوظائف، خلال فترة الأعوام السبعة الماضية (2011-2017)، وهو الجانب الأكثر أهمية في الوقت الراهن، الذي يتطلب مزيدا من اهتمام وتركيز وزارة العمل، وأن تبادر على وجه السرعة بالعمل على معالجته قبل أن يتحول إلى تحد أكبر مما هو عليه اليوم.

لقد كشفت البيانات الأخيرة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، عن ارتفاع نسبة العمالة الوطنية ممن تبلغ أجورهم الشهرية ثلاثة آلاف ريال فأدنى إلى 47.4 في المائة (843.1 ألف عامل وعاملة) من إجمالي العمالة السعودية في القطاع الخاص، وارتفاع نسبة من تبلغ أجورهم الشهرية أدنى من خمسة آلاف ريال شهريا إلى نحو 69.4 في المائة (أعلى من 1.2 مليون عامل وعاملة) من إجمالي العمالة السعودية في القطاع الخاص، في الوقت ذاته الذي تظهر بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية نفسها وجود نحو 573 ألف عامل وافد تبلغ أجورهم الشهرية خمسة آلاف ريال فأكثر، وهو الجزء من العمالة الوافدة الذي لم يطرأ عليه انخفاض ملموس خلال العام الماضي، الذي كان مستقرا عند مستوى 582 ألف عامل وافد بنهاية 2016.

ختاما؛ لا ننسى أن لدينا نحو أعلى من 745.1 ألف عاطل عن العمل، وأعلى من 1.2 مليون باحث وباحثة عن عمل (وفقا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء بنهاية الربع الثالث 2017)، وأن كل زيادة في توظيف العمالة السعودية في القطاع الخاص، ستتزامن مع زيادة مماثلة أو أعلى في أعداد طالبي العمل وخريجي قطاعات التعليم العام والفني والدبلوم والجامعي، وأن تحديات زيادة توظيف العمالة السعودية ستظل مستمرة خلال الأعوام المقبلة، وأن معالجة ملف البطالة لا يقف فقط عند مجرد الإحلال، بل لا بد من توليد مئات الآلاف من الوظائف، الذي لن يتأتى إلا بمزيد من تأسيس وتوسيع الاستثمار محليا. والله ولي التوفيق.

 

نقلا عن الاقتصادية