تحديات خلق الوظائف!

27/02/2018 0
محمد العوفي

القدرة على خلق وظائف جديدة أحد المؤشرات التي تقاس بها قوة اقتصاد بلد ما، فالعلاقة بين نمو الاقتصاد وخلق الوظائف علاقة طردية، بمعنى كلما نما الاقتصاد خلق وظائف جديدة قادرة على استيعاب عدد من طالبي العمل، وبالتالي تنخفض نسب البطالة وأعداد الباحثين عن عمل. هذه المعادلة تفسر بشكل دقيق ما يحدث في اقتصادات الدولة الصناعية والمصدرة، لأن نمو الاقتصاد يرتبط بارتفاع إنتاج وتصنيع هذه الدول وتصديرها لهذه المنتجات، لكنها لا تفسر بشكل دقيق ما يحدث في اقتصاد الدول التي تعتمد على عائدات النفط، لأن النمو الاقتصادي في هذه الدول يعتمد على عائدات النفط وحجم الإنفاق الحكومي كمحرك رئيس للنمو الاقتصادي.

اقتصاد المملكة لا يزال في دائرة الاقتصادات التي تعتمد على عائدات النفط، وهذا يعني أن التحدي فيما يتعلق بخلق الوظائف مضاعف لأسباب عدة، أبرزها أن القطاع الحكومي مترهل ومتشبع مما يجعله غير قادر على خلق وظائف جديدة، يضاف إلى ذلك أن النمو في العام الماضي للاقتصاد ككل كان متواضعا ولم يكن كافيا لخلق وظائف جديدة، إضافة إلى أن القطاع الخاص عمد إلى استخدام المادة 77 لفصل كثير من السعوديين، وبالتالي يمكن القول إن العام الماضي كان خارج حسبة الأعوام المجدولة لخلق نحو خمسة ملايين وظيفة في نهاية عام 2030 على الجانب الآخر، فإن التقدم التكنولوجي الذي خلقته الثورة الصناعية الرابعة وما يرتبط بها من إلغاء لبعض المهن، في حال رغبت السعودية بقطاعيها العام والخاص ركوب موجة الأتمتة، سيخلق ضغطا وتحديا آخر فيما يتعلق بخلق الوظائف، لأنه يعني إلغاء كثير من المهن والوظائف.

فبحسب تقرير حديث أعدته شركة ما كينزي عن مستقبل سوق العمل في منطقة الخليج، بعنوان «مستقبل الوظائف: الأتمتة، التوظيف، والإنتاج»، وقدمته إلى القمة العالمية للحكومات فإن نحو41% من الوظائف في السعودية باتت مهددة اليوم بالاستبدال بالتقنية والاستغناء عن الموظفين في 2030 وستحل بديلا عنها الروبوتات.

وبالعودة إلى رؤية السعودية فإنها تستهدف خلق نحو خمسة ملايين وظيفة في نهاية عام 2030 دون أن تحدد وصفا لهذه الوظائف لمعرفة كما تبلغ نسبة الوظائف والمهن التي يهدد مستقبلها الذكاء الصناعي وما يصاحبه من تقدم تكنولوجي، ولا سيما أن الباحثين في معهد مستقبل الإنسانية في جامعتي أوكسفورد البريطانية، وييل الأمريكية، ومنظمة AI IMPACTS توقعوا أن الآلات ستكون أفضل من البشر في ترجمة اللغات بحلول عام 2024، وكتابة الوظائف للمدارس الثانوية بحلول عام 2026، وقيادة الشاحنات عام 2027، والعمل في تجارة التجزئة عام 2031، وأنها ستكون ركيزة مصانع المستقبل لما توفره من اختصار للجهد والوقت والتكاليف.

أعتقد أن خلق الوظائف سيواجه تحديا كبيرا، وأن الخطط الاستراتيجية المتعلقة بخلق الوظائف يجب أن تراعي التحولات التي سيخلقها التقدم التكنولوجي والربوتات في سوق العمل، وأن الاقتصاد القائم على الإنتاج والتصنيع والتصدير وحده هو الذي يستطيع خلق فرص تستوعب طالبي العمل.

 

نقلا عن صحيفة مكة