إذا تعلقت حوّلها إستثمار...!

09/01/2018 0
علي محمد طوهري

أحد أهم المفاهيم الخاطئة لدينا والذي ينتشر على نطاق واسع في أسواق المال هو تعريف الإستثمار ومن يطلق عليهم صفة "المستثمرون". من الدارج  في أسواقنا تعريف الاستثمار بالاحتفاظ بالسهم لفترة طويلة وبالتالي يستحق من يكتنز السهم ويحتفظ به لفترة طويلة نسبيا أن يلقب بالمستثمر. كثيرا ما نسمع أن متداولا "تعلق" بسهم فينصحة رفيقه بتحويله لاستثمار بمعنى احتفظ به لفترة طويلة أو إلى أن يفرجها الله من عنده..

هنا يجب أن نتوقف قليلا لنتعرف على تصنيف المتداولين في أسواق المال وبالتالي نستطيع من خلال هذا التصنيف التوصل للتعريف الأمثل لعملية الاستثمار وعن إمكانية تحويل صفقة فاشلة في سوق المال الى عملية إستثمارية حقيقة. وجهة نظري المتواضعة أن المتداول في سوق المال هو واحد من اربعة أصناف:

النوع الأول: المستثمر

المستثمرين ببساطة هم تلك الفئة من المتداولين الذين يهتمون بجودة الأصول التي يختارونها وبالتالي يركزون على ديمومة الميزة التنافسية للشركة التى يرغبون بإقتناء أسهمها وكفاءة الإدارة وسلامة وضعها المالي ومستوى ربحيتها وتدفقاتها النقدية الحالية والمستقبلية. كما يهتم المستثمر وبشكل أساسي بسعر السهم الذي ينوي الاستثمار به بحيث يكون أقل من قيمته الجوهرية بهامش أمان معقول. كما هو واضح فعملية الاستثمار ليست بالسهلة إذ تتطلب الكثير من الجهد والتحليل كما أن إمكانية توفر فرصة إستثمار جيدة (سهم شركة جيدة بسعر مقبول) تعتبر قليلة بالتالي ينعكس ذلك على فترة إحتفاظ المستثمر بأسهمة لفترة طويلة تمتد لسنوات وربما عقود طويلة.

النوع الثاني: المتاجر

هو ذاك النوع من المتداولين الذين يشترون ويبيعون الأسهم فقط لتحقيق أرباح من الفرق بين سعري الشراء والبيع. المتاجر يتقن فن ركوب الموجات السعرية وتخمين اتجاهات السوق معتمدا بذلك على خبرته في تحليل الأخبار وبيانات السوق وقراءة "شارتات" الأسهم. المتاجرة عملية ممتعة ومربحة لمن يملك القدرة على التحليل السليم بعيدا عن تأثيرات الجوانب النفسية والانفعالات العاطفية.

النوع الثالث: المضارب

المضاربين هم أصحاب المبالغة والتهويل وأصحاب النظرة السطحية الذين غالبا ما يقعون تحت تأثير انحيازاتهم النفسية والمعرفية. ربما يغلف المضاربين أرائهم بشيئ من التحليل الأساسي ويزينون كلماتهم ببعض المصطلحات الإقتصادية وبعض الرسومات والبيانات لكنهم في الحقيقة سطحيين يهتمون بالقشور ويتصرفون كردة فعل للتوجه العام لحركة السوق مدفوعون بأهم مرضين يصيب المتداوالين (الخوف والطمع) فهم كثيري التقلب يرون أن السوق الأخضر لديه الكثير من فرص الأرتفاع وأمام السوق الأحمر مشوار هبوط طويل. قد يكون المضارب ملما بأساسيات التحليل الفني أو المالي لكن وقوعه تحت تأثير إنفعالاته العاطفيه يحول بينه وبين ترجمة مهاراته الى قرارات إستثمارية سليمة.

النوع الرابع: المقامر

إن أفضل تعريف للمقامرة هي تلك العملية التي تتساوى فيها فرص الربح مع فرص الخسارة فالمقامر شخص بنى قرار الشراء على مجرد "أمنية" بأن تكون الصفقة مربحة. المقامر يستثمر قدرا صغيرا من ثروته في سوق المال تماما كما يفعل مقامري "الكازينوهات" فلسان حاله إن حصل ربح فالحمد الله وإن لم يحصل فالمبلغ نسبيا بسيط مقارنة بحجم ثروتي... لو كان لدى المقامر أساس منطقي يبنى عليه قرار الاستثمار لخصص قدرا معتبرا من صافي ثروته ليستثمره في سوق المال.

هذا بنظري التصنيف الأمثل للمتداولين والذي من خلاله يمكن أن نعرف أن الاستثمار عملية لا ترتبط فقط بفترة الاحتفاظ بالورقة المالية وإنما عملية متكاملة تبدأ قبل تملك الورقة المالية بالتالي عبارة "إذ تعلقت حولها إستثمار" يصعب تطبيقها خصوصا إذ كان السهم لشركة إما ذات جودة منخفضة أو بسعر مرتفع.

خاص_الفابيتا