ضريبة القيمة المُضافة ... بين التصحيح الإقتصادي وفعالية التنفيذ!

07/01/2018 0
د. فيصل الفايق

وجهت القيادة الرشيدة بإقرار حساب المواطن كدعم لذوي الدخل الأقل من المتوسط حيث لايتأثر مستواهم المعيشي والتغلب على المشكلات التي يمكن أن تواجهه بسبب حزمة الإصلاحات الاقتصادية، وتحديداً ارتفاع أسعار الطاقة، وما يترتب على ذلك من زيادة متوقعة في المصروفات.

ولعلمنا الأكيد بأهمية رخاء المواطن السعودي، ومكانته السامية لدى قيادات هذه البلاد ، فإن قيادتنا الرشيدة تقوم بتقييم الآثار العامة الناتجة عن تطبيق القيمة المضافة في هذه المرحلة إلى أن نصل إلى مرحلة نضج التصحيح الإقتصادي الذي يتماشا مع تعديل التحول الوطني الذي أجل تطبيقه إلى 2023. هذا ولم تتوانى قيادتنا الرشيدة عن دعم المواطن في هذه المرحلة ، فزفت البشرى للمواطنين ليلة البارحة بعد أن أصدر ملك العزم سلمان الحزم أمرا ملكيا يقضي بصرف علاوات سنوية لموظفي الدولة، وصرف بدل غلاء معيشة ... وذلك لعلمه حفظه الله أن ضريبة القيمة المضافة تحتاج الى نضج التصحيح الإقتصادي ... ولقد تعودنا مع "رؤية 2030" أن كل القرارات تخضع لتقييم مستمر، وأن مرحلة التصحيح التي نحن بصددها يتم فيها تقييم، ثم تقويم جميع القرارات الحكومية، للإنتقال إلى مرحلة تطبيق إجراءات التصحيح.

ولقد كانت هناك دلالات أخرى سابقة لهذا التوجه الحكيم نحو التصحيح ... ما جاء به الأمر الملكي من إعادة جميع البدلات والمكافآت والمزايا المالية لموظفي الدولة من مدنيين وعسكريين، بعد إيقافها ، وبأثر رجعي ، بعد ان كان ايقاف بعضها في إطار خطة الدولة لتقليص النفقات، وزيادة الدخل العام للدولة، من أجل التغلب على مشكلة تراجع أسعار النفط إلى أكثر من النصف نهاية عام 2014، ولتقليل آثار أزمة الاقتصاد العالمية، على الإقتصاد السعودي وإبعاد مظاهر الفوضى المصاحبة لها، عن حياة المواطن السعودي الذي يعتبر هو المستهدف الأول من كل خطط التنمية.

وهناك مثال آخر لا يقل أهمية عن سابقه وهو إرجاء  "برنامج التحول الوطني من: 2020 إلى: 2023" الذي يندرج ضمن "رؤية 2030" التي تخضع إلى التقييم والمراجعة عن كثب ثم التقويم من قبل قيادتنا الرشيدة. ان هذه التعديلات التي جاءت على قرارات سابقة تؤكد لنا على أن أية خطوة تُقدم من حكومتنا الرشيدة فإنها تُخضعها للتقييم والمراجعة بعد تطبيقها، لكي تتضح الأخطاء أو النواقص خلال تفعيلها كواقع في الميدان.

وبعد أن تم تطبيق ضريبة القيمة المضافة بدون استثناء على جميع المواد الغذائية والضرورية، والتي سوف يتأثر بها جميع شرائح المجتمع، فكما عدل توقيت تطبيق خطة التحول الوطني من 2020 إلى 2023 إدراكا لسلبية البيروقراطية الحكومية التي تبين أن القضاء عليها يتطلب تعديل سنوات الموازنة، والتحول الوطني، فإن فرض ضريبة القيمة المضافة ايضا يحتاج إلى نضج التصحيح الاقتصادي أولا ثم فعالية التنفيذ بالمراقبة وتطبيقها بشكل لايمكن استغلالها من قبل التجار ... الذين لن يتأثروا بها!

وذلك لأن فرض ضريبة القيمة المضافة يتطلب قدرا من النضج لدى المستورد والمنتج والموزع بالجملة والبائع بالقطاعي، ويتطلب فعالية في التنفيذ والرقابة! لأن التاجر سيعمد تلقائيا إلى رفع الأسعار حتى بدون حساب ضريبة القيمة المضافة، وذلك بسبب زيادة تكلفة العمالة، وزيادة الكهرباء والوقود، وربما زاد البعض هوامش أرباح باستغلال عدم الوعي العام بهذه الضريبة مما سيزيد من الأعباء على شريحة الدعم المستهدفة من المواطنين أصحاب الدخل المحدود، والتي لا شك أنها ستكون هي الحلقة الأكثر تأثرا من خلال فرض هذه الضريبة.

وأجزم أنني في غنى عن القول بأن المطالبة بالنظر في توقيت فرض الضريبة بما يتناسب مع حزمة الإصلاحات المشابهة، ليس عدم علم بأنها أقل من غيرها، مما هو مطبق في كثير من دول العالم، ولا يمكن أن يكون لتقليل من آثارها الإيجابية في المدى البعيد على المساهمة في نمو الاقتصاد العام، ولا حتى ما لها من أثر في رفع مستوى ثقافة الاستهلاك وترشيدها، ولا لعدم العلم بأن فرض الضريبة في عالم اليوم هو الأصل وعدم فرضها هو الاستثناء، بل هو ما تقدم من ضرورة خلق بيئة أكثر ملائمة بتوعية جميع القطاعات المعنية بكل ما يتعلق بهذا الضريبة من آثار، حماية للمتأثر الأكبر بتطبيقها من المواطنين ذوي الدخل المحدود!

خاص_الفابيتا