قديمك أيها التاجر ليس نديمك

19/11/2017 0
عبدالله بن عبدالرحمن الربدي

منذ بداية تدفق الثروات الي الخزانة السعودية مع الإنتاج التجاري للنفط اخذ القطاع الخاص بالتطور والاعمال التجارية بالنمو المتسارع وبوتيرة عالية خصوصا في السبعينات واوائل الثمانينيات من القرن الماضي ساهمت في بروز وتشكل عوائل وأسماء وكيانات تجارية ضخمة استمرت في النمو خلال الأربعين سنة الماضية مع تغير ليس بالكبير في خارطة الأسماء، لكن تظل هنالك أسماء تجارية حافظت واستمرت بالوجود في مختلف القطاعات الاقتصادية سواء في قطاع العقار، البنوك، الصناعة او التجارة العامة، لكن هنالك سر مثير في كيفية تكون ثروات هذه الكيانات (في الاغلب وليس الكل) وهي انهم يملكون عامل مشترك ساهم بشكل كبير في تعظيم ثرواتهم بشكل اكبر من القطاعات التي يصنفون عليها او تقوم انشطتهم عليها، الا وهو العقار وبالأخص البيع والشراء بالأراضي البيضاء (مطورة و غير مطورة)، وهي كما اقيمها التجارة الأقل كفاءة وفائدة للبلد وبدون أي مساهمة حقيقية للناتج المحلى، وهذه المعلومة تقودنا الي السؤال الأهم هل فعلا لدى الجيل السابق (والذي استفاد من طفرة لم يخطط لها جيدا) المقدرة على النجاح اليوم في الاقتصاد ونماذج الاعمال الجديدة؟

اعتقد انه لن يستطيع بل وأؤكد ان كثير من الكيانات التجارية لولا متاجرتها  بالعقار او لولا ارتكازها قديما على بنوك يملكون بها لم يكن ليستمرو الي هذا اليوم في انشطتهم الأخرى، مثل الصناعة والتجارة، بمعنى اخر، كثير (وليس الكل) من الأسماء التجارية الموجودة اليوم لا تملك الكفاءة ولا المرونة للتنافس من تلقاء نفسها او من خلال جودة ادارتها للأعمال، وانا أتكلم هنا عن الماضي، اما الحاضر والمستقبل فهو اشد واصعب عليهم اذا استمرو بنفس العقلية والإدارة، ان كثير من الكيانات كانت تدار بطريقة التحكم الشديد بالمصاريف وعدم الاستثمار بالتسويق ولا تطوير المنتج ولا العناية بالعميل، وسابقا ولعدة أسباب كان السوق والعميل يتقبل (او لا يملك خيار اخر) التعامل معهم، لكن اليوم الأمور تتطور وتتغير بسرعة رهيبة، فلم يعد مقبولا الا يكون هنالك خدمات جيدة لما بعد البيع، لم يعد ممكنا ان تتطور وتنافس بدون وضع ميزانيات مناسبة للتسويق وتصرف عليها، لا يمكن ان تنافس القادمون الجدد والتطورات التقنية وانفتاح السوق على الاستثمار الأجنبي ودخولهم بكل ما يحملون من تقنيات ومنتجات مطلوبة بالنظام القديم الذي لا يتقبل أي تطور او استثمار لتطوير المنتجات والبحث عن تلبية رغبات العميل وتغطية احتياجاته، اعتقادا ان العميل سوف يتعامل معه رغم كل شيء، او العمل بمبدأ جود السوق ولا جود البضاعة، زمن هذه الاعتقادات وطريقة العمل ولى ولم يعد صالحا اليوم، فلا الجيل الجديد من الزبائن والعملاء يقبلها ولا المنافسون لهم يطبقونها، ما كان يصلح في الماضي لا مكان له اليوم، هذه القاعدة وكما يبدو لم يعيها ويدركها بعض التجار الي الان، حيث مازالوا يتعاملون مع المستهلك والسوق بنفس العقلية وفي نفس الوقت يلمون الظروف الاقتصادية على تدنى ارباحهم او على تحقيق خسائرهم، بينما في الحقيقة السبب الرئيسي هو عدم مقدرتهم على التطور وتحسين الجودة والخدمة للعميل وبالتالي المنافسة بالسوق، العميل اليوم اصبح اكثر وعيا واطلاعا على تجارب الأسواق الأخرى واكثر ذكاء واصبح يقارن ويبحث، وفي نفس الوقت، المنافسون وخصوصا الجيل الجديد من رواد الاعمال او الشركات يبتكرون وسائل جديدة وذكية في كيفية الاستحواذ على العملاء واغراءهم بطرق تتطلب تخصيص ميزانيات وبخطط مدروسة مبتكرة لم يكن يعلم عنها الجيل القديم الذي مازال ضد التطور والاحلال بالإدارات، فلو نظرنا وعلى سبيل المثال فقط الي قطاع مثل قطاع الأغذية، وبالذات المطاعم لفهمنا التطور الكبير في هذا الموضوع، في السابق (الأربعين سنة الماضية) عدد المطاعم محدود وبقائمة طاعم متماثلة بين اكثر الموجود، وبدون أي ابتكار او تميز، اليوم الوضع اختلف (وان كان بنظام الامتياز واستجلاب أسماء عالمية) فلم تعد المنافسة بالشكل السابق فاصبح العميل اكثر تذوقا واصبح يبحث عن الجديد والمبتكر، واصبح الجو العام في المطعم احد نقاط الجذب وكذلك التزين وطريقة التقديم وغيرها، وبالتالي كثير من المطاعم القديمة خرجت من السوق وحل مكانها الاقدر على الابتكار والمنافسة.

ان العوامل القديمة التي وقفت وساعدت الجيل القديم لم تعد مجدية في سوق اليوم، بل وانا متأكد ان المنافسة سوف تشتد وسوف يتميز وينمو الاقدر على المنافسة في السوق بينما من يتوقف عن الابتكار ولا يملك المرونة اللازمة للتغيير والاستجابة للسوق والعملاء سوف يخرج بأسرع مما يتخيل وهذا أصبح واقع وحدث لكثير من الأسماء التجارية.

اذن وفي ظل التغير الذي حصل وما زال يحصل في الاقتصاد لم يعد مقولة ان تجارة الأراضي مصدر الثروات حيث انها وصلت الي مرحلة صعب انها تستمر في النمو ان لم يكن التراجع في قيمها هو الأقرب، ولا مقولة جود السوق ولا جود البضاعة هي واقعية اليوم، هذين العاملين كانا قديما نديمين للتجار اما اليوم فلم يعد قديمك يا التجار نديمك.