التحفيز لرفع أجور السعوديين

19/11/2017 1
خالد الشنيبر

أجور العاملين في القطاع الخاص تحكمها سياسة «الطلب والعرض»، والبرامج التي يتم تطبيقها حاليًّا على سوق العمل لم نرَ منها المأمول لتشجيع منشآت القطاع الخاص فعليًّا على توظيف أيد عاملة سعودية بالوظائف التي يكون مردودها المالي مناسبًا، وبمعنى آخر توظيف الأيدي العاملة السعودية بالوظائف المتوسطة الأجر وما فوق، والابتعاد عن حصرها في التقسيمات الدنيا، ومن وجهة نظري الشخصية أرى أن لغياب المحفزات الفعلية من الأنظمة المطبقة دورًا كبيرًا في ذلك، بالإضافة لارتفاع التكاليف التشغيلية على المنشآت مؤخرًا والتي بسببها تأثرت ماليًّا.

ذكرت في عدة مقالات أن من أهم الإصلاحات التي ينبغي العمل عليها في سوق العمل هو تقليل الفجوة بين تكلفة العامل السعودي والعامل غير السعودي، وبالرجوع لوثيقة برنامج التحول الوطني في الهدف الإستراتيجي الثامن لوزارة العمل نجد أن أحد مؤشرات الأداء فيها كان «معدل تكلفة توظيف السعوديين مقارنة بالوافدين»، ومن خلال القرارات السابقة نجد أن وزارتي العمل والاقتصاد عملتا على تقليل الفجوة من خلال رفع تكاليف توظيف الأيدي العاملة غير السعودية، وكوجهة نظر أرى أنه من المهم أن تكون هناك إستراتيجيات تستهدف تحفيز رفع أجور العاملين السعوديين بالقطاع الخاص وعدم ترك المسألة بالتركيز على رفع تكاليف توظيف غير السعوديين.

حتى نكون منصفين ونبعد عن التشاؤم، الحكومة أعلنت أنه خلال الفترة المقبلة ستكون هناك حزم من الحوافز للقطاع الخاص، وتلك الحِزم ستدعم القطاع الخاص من عدة جوانب أهمها خلق وظائف جديدة، وسيكون لتلك الحزم التحفيزية دور كبير فيما يخص الأثر من ارتفاع التكاليف التشغيلية على منشآت القطاع الخاص مؤخرًا، والتي بسببها عانى العديد من المنشآت.

منذ أكثر من أربع سنوات كانت وزارة العمل تدرس احتساب الوافد الأجنبي الذي يتقاضى راتبًا عاليًا في المنشأة التابع لها بـ «وافدين» عند احتساب نسبة السعودة في المنشأة أو في دراسة طلبات الاستقدام، وكانت الوزارة تسعى من خلال هذا التوجه الى تحفيز توظيف الأيدي العاملة السعودية بالوظائف المتوسطة والعليا والتي يوجد لدينا العديد من الكوادر البشرية المؤهلة لشغلها، ولكن هذا التوجه لم يطرأ عليه أي تحديث أو تطبيق بالرغم من أهميته، وكوجهة نظر شخصية أرى أن هذا التوجه من المهم أن يرافقه التوجه بربط أجور الأيدي العاملة السعودية الذين يتقاضون «أجورًا عالية» في المنشآت التي يعملون فيها بالنسبة المعتمدة عند حساب نسبة السعودة في برنامج نطاقات وعند دراسة طلبات الاستقدام.

التمييز في الأجور حسب الجنسية يعتبر أمرًا يقيد فرص العمل والفرص الاقتصادية والمهنية، وله تأثير كبير على الإنتاجية والكفاءة وزيادة التراكم المعرفي داخل سوق العمل، ولكن بوجود سياسة التحفيز ستكون المسألة أكثر مرونة في تحفيز القطاع الخاص لرفع أجور الأيدي العاملة السعودية والتي تكدست في التقسيمات الدنيا حسب إحصاءات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والتي تعلن عنها من فترة لفترة، وبذلك سنجد مسارًا هامًّا كبديل عن سن الحد الأدنى للأجور والذي في حال تطبيقه ستكون فائدته للعمالة غير السعودية، وأخشى أن يتم اعتباره كأول مربوط في الأجور عند توظيف الأيدي العاملة السعودية.

تركيبة الوظائف في سوق العمل السعودي معتمدة على العمالة متدنية الأجر، وحلول التوطين التي نرى تطبيقها بالوقت الحالي هي حلول مؤقتة وليست مستدامة وتتركز على الوظائف متدنية الأجر، وبعيدًا عن التشاؤم أجد أن الوزارة ما زال بيدها حلول أكثر فعالية من خلال العمل على سياسة التحفيز، وأنا على يقين بأن هذا الملف من الملفات المهمة التي يشرف عليها المسؤولون بالوزارة وستكون نتائجه إيجابية وفوق ما نتوقع إذا تم الاستعجال فيه، خاصة في الوقت الحالي.

ختامًا: في سوق العمل السعودي من المهم أن تكون هناك تفرقة في التعامل مع تقسيمات الوظائف، وتفرقة في التعامل بين العاطلين والمُعطلين، وتفرقة بين القضاء على التستر والتوطين الكامل، وتفرقة بين التوظيف بأي وظيفة والتشجيع على تملك المشاريع.

نقلا عن اليوم