يا وزارة العدل.. الوقت مال

17/11/2017 14
عبدالله الجعيثن

خلال عشر سنوات زادت القضايا والشكاوى في محاكمنا بأكثر من الضعف، ولم يزد عدد القضاة بتلك النسبة، وأدى ذلك إلى إرهاق أصحاب الفضيلة، وتراكم القضايا، وبطء البت فيها، رغم ما شهده القضاء في المملكة من تقدم ملحوظ، وخاصة في التنفيذ، إلا أنّ البطء في إصدار الأحكام لايزال موجوداً، وأعتقد أنّ من أهم الأسباب سهولة رفع القضايا، ومعرفة المدعي، أو المدعى عليه، أنّ القضية سوف تطول، وأنه لن يناله غرم أو عقاب في الغالب، مما شجّع كثيراً من ذوي الذمم الفاسدة على رفع القضايا (وبعضها كيدية) وشجّع كثيراً من المدعى عليهم بالمماطلة والتأخر في الحضور، والدفع بمختلف الحجج لكسب الوقت وإرهاق المدعي الصادق واضطراره لقبول الصلح التنازلي أحياناً.. ومع أن وزارة العدل تقدمت كثيراً، وتعددت المحاكم المتخصصة، إلا أن الدعاوى تزداد، والخصومات تتكاثر وتتعقد، والسكان يزيدون.

ولا لوم على أصحاب الفضيلة بتأخر الكثير من القضايا المالية وغير المالية، نظراً لكثرتها ووجوب التدقيق الكامل في كل قضية، ولحلّ هذه المشكلة المؤرقة نقترح أن يُلزم كل من خسر الدعوى بدفع (تكاليف المحكمة والمحامين) وفق تقدير فضيلة القاضي، وأن يُقَدِّم المتخاصمان ضماناً مالياً قبل قبول الدعوى، فهذا مؤشر على جدية الخصوم، واختفاء، أو تقليل الدعاوى الكيدية إلى آخر حدّ، ويدفع إلى التصالح أو التحكيم خارج المحاكم في كثير من القضايا، فمن المعروف أنّ هناك أناساً من هواة المشكلات ورفع القضايا ودخول المحاكم، ووجود من يُماطل في دفع الحق أيضاً (ومطل الغني ظلم) والوقت مال، وفي السماح برفع القضايا بالمجان تشجيع لأصحاب الذمم الضعيفة على المطالبات بلا دليل، أو على مماطلة المُدّعى عليه رغم أن المدعي على حق، وأعرف أنه يجوز للمتضرر من الدعوى رفع قضية تعويض، ولكن هذا يزيد القضايا ويرهق أصحاب الفضيلة، فالأفضل -في نظري- أن يصدر حكم التعويض ودفع أتعاب المحكمة والمحامين مع صدور حكم القاضي فوراً، وفضلاً عن (أن الوقت مال) فإن في خسارة أحد المتخاصمين وثبوت الحق عليه، تشويهاً لسمعة صاحب الحق، وأذى نفسياً، وإشغالاً للمحاكم وللأبرياء، فهو نوع من الاعتداء، والله جلّ وعز يقول (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)..

والمثل يقول: العدالة البطيئة ظلم.


نقلا عن الرياض