ثلاث جرعات من التفاؤل للاقتصاد الوطني

06/11/2017 0
سعيد بن زقر

أحد أهم النجاحات التي تحسب لحكومة المملكة في المجال الاقتصادي أنها تفطن دائماً إلى ضرورة رفع معدل التفاؤل في داخل الاقتصاد. ففي مقال سابق أشرت بأن الاقتصاد تفاؤل. لأن التفاؤل يعمل كترياق مضاد للحملات الإعلامية المغرضة مثلما أنه يمنح جرعات مركزة تبطل التوقعات المتشائمة وتنهي مفعولها. ولهذا يصح التنويه بإعلان المملكة ثلاثة مشروعات عملاقة أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سلمه الله. فالمشروع الأول يعمل كمركز أعمال يدار بالطاقة المتجددة وبإنسان آلي روبوت. يتلوه المشروع الترفيهي العملاق حول مدينة الرياض ثم مشروع ثالث يضم مجمعاً سياحياً وصناعياً وتقنياً على مساحة هائلة من ساحل البحر الأحمر. إن إعلان هذه المشاريع بث تفاؤلاً كبيراً له صداه في أنحاء العالم مما دفع رجل أعمال شهيراً مثل ريتشارد برانسون مالك العلامة فيرجن، الى التفكير في دخول علامته التجارية كمستثمر في واحد أو أكثر من هذه المشاريع. وهذا ما سيدفع مستثمرين آخرين للتفكير بجدية في المشاركة الاستثمارية وزيادة التدفق الاستثماري بالاقتصاد الوطني.

إن مشروع المدينة الترفيهية حول الرياض من الضخامة بحيث أنه يحاكي «سيكس فلاقز» ويماثل «ديزني ويلرد» .فمساحته تتسع لتنوع ترفيهي واستثماري في جوانب تخدم المدينة وسكانها والاقتصاد. ومثله مشروع نيوم الذي تقوم فكرته على أن يكون وادي سيلكون للمنطقة العربية، بانفاق استثماري يناهز خمسمائة مليار دولار. ومكان المشروع يتفرد بموقع استراتيجي يربط بين أسواق ثلاث قارات آسيا وأفريقيا وأروبا. مما يعني الكثير بشأن تقريب المسافات وربط منتجاته بالأسواق.

صحيح أن المشاريع الثلاثة مخطط لها أن تكتمل خلال خمس وعشرين سنة قادمة. ولكنها فترة في عمر البلدان ليست طويلة. ولكن المهم من منطلق اقتصادي إعداد الموارد البشرية الوطنية لتنهض بمسئولية أساسية وتواكب متطلبات هذه المشاريع وأنواع التخصصات التي تحتاجها. ما يعني أن بناء الإنسان يعتبر مدخلاً لنجاح أي مشروع اقتصادي أو ترفيهي. وتجارب دول ناجحة اقتصادياً مثل سنغافوره واليابان ودول القارة العجوز والقارة الأمريكية، تؤكد هذا المعنى. وحيثما وجد نجاح اقتصادي في هذا العالم فإن بناء الإنسان وتطوير مهاراته هي الأولوية على غيرها. ويصح القول بأن أي تجربة اقتصادية راهنت على بناء الإنسان نجحت وضمنت الاستدامة وهو ما يتطلب توفير الحماية النظامية والرعاية ومنحه حقوقه الإنسانية والشرعية، كحقه في السعي لتحقيق المصلحة الاقتصادية وكذلك حرية العمل والتنقل والتعبير وأي حقوق وردت في نصوص شرعنا الحنيف. إنها حقوق منحها الله لعباده لحكمة إلهية وينبغي حمايتها طالما كانت تحت سقف الشرع الحنيف والسنة الفعلية والقولية للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

ولاشك أن ممارسات الشورى ظلت تستهدف تعزيز حماية هذه المعاني ولعلها قادت الغربيين لتعميم حماية الحقوق الاقتصادية والانسانية للفرد باعتبارها من عناصر النجاح في الاقتصاد وبناء الإنسان، وضمن أهم شروط النهوض الاقتصادي. وفي الواقع هي من أهم القواعد والأسس التي تنعكس إيجاباً على أداء الأفراد ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص، فبقدر ما يبنى الإنسان بقدرما تقوى ركائز الاقتصاد، وبقدرما تصبح أكثر فاعلية وأكثر حضوراً واسهاماً في بناء المشاريع الاقتصادية المستقبلية. إن هذه المشاريع العملاقة بقدرما تبث التفاؤل في اقتصاد المملكة بقدرما ستكون منطلقاً ومحفزاً لتأسيس بناء اقتصادي متين لا تهزه الظواهر الاقتصادية العابرة أو تقلبات الأسواق.

 
نقلا عن المدينة