العلاقة المصيرية المشتركة بين الغوار وبيرميان

29/10/2017 7
د. أنور أبو العلا

رغم الزوبعة داخل الفنجال التي يُثيرها الإعلام الغربي ويقلده الإعلام الشرقي عن اشتداد وطيس المنافسة المُفتعلة بين بترول حوض بيرميان الأميركي وبترول حوض الغوار العظيم، إلا إنه توجد علاقة مصيرية مشتركة -تغيب عن بال هؤلاء المتخرصين- تربط مصير بترول الغوار بمصير بترول حوض بيرميان الأميركي.

لا شك أن وجود كميات هائلة من احتياطيات البترول لدى أميركا يجعل أميركا (وهي أكثر دول العالم قُدرة على تطوير البدائل) غير مستعجلة في تطوير مصادر الطاقة البديلة ويؤدي إلى تلكئها في التحول إلى استخدام مصادر الطاقة المتجددة عالية التكاليف بالنسبة لتكاليف البترول المتوفر بغزارة داخل أراضيها مما يعطيها ميزة اقتصادية لا تتوفر لدى الاقتصاد الأوروبي، والصيني، والياباني، التي تضطر أن تستورد بترولها من الخارج.

وهكذا يُصبح من الواضح أنه من حُسن حظ الدول الصغيرة في إمكانياتها التي تملك احتياطيات كبيرة من البترول أن تكون أميركا أيضاً لديها احتياطيات كبيرة من البترول، مما يجعل أميركا تقف حجر عثرة في سبيل تطوير البدائل للبترول.

لسنا بحاجة إلى أن نُذكّر أميركا بأن من مصالحها عدم الانتقال في الوقت الحالي إلى المصادر المتجددة، فهي تعرف هذا أكثر منّا، فمواقف أميركا من اتفاقية المناخ تشهد لها بهذا، فهي الدولة الوحيدة التي عارضت بروتوكول كيوتو، وتسببت في عدم دخوله حيز التنفيذ لأنها (أي أميركا) لم توافق على توقيع البروتوكول.

كذلك سياسات ترمب المؤيدة للتنقيب والإنتاج ومد خطوط أنابيب نقل البترول في الأماكن المحظورة وانسحابه من اتفاق باريس للمناخ، رغم إلحاح وضغوط الدول التي ليس لديها بترول، كمعظم دول القارة الأوروبية (على رأسهم ألمانيا وفرنسا) الذين يشجعون الفحم في الخفاء ويحاربون البترول في العلن بحجة إضراره بالبيئة والمناخ.

إذاً نحن لا نكشف سراً عندما نقول: إن بترول بيرميان هو في صالح بترول الغوار لأنهما يركبان مركباً واحداً فإذا غرق المركب الذي يركبه الغوار فلن يغرق الغوار وحده، بل سيغرق معه جميع حقول البترول في أميركا وعلى رأسها حقل بيرميان العظيم، (نعم يحق لي الآن في هذه الحالة أن أسمي بيرميان بالعظيم).

لا أستطيع أن أقول إنها مؤامرة، بل إنها ليست مؤامرة وإنما فقط زوبعة إعلامية عشوائية للتقليل من عظمة الغوار بتصوّر أن حقل بيرميان تبلغ قيمته السوقية 3.3 تريليونات دولار أي أكثر ثلاثة أضعاف من تقديرهم لقيمة أرامكو بحوالي 1.1 تريليون دولار. لا شك أنها حملة تستفيد منها وتروّج لها المؤسسات الاستثمارية التي يسمونها (underwriters) والتي ستتولى عملية شراء وتسويق أسهم أرامكو في البورصات العالمية.

 

نقلا عن الرياض