وزارة الأسكان والبيع على الخارطة

25/10/2017 0
مصطفى الإبراهيم

في أي تجمع سكاني يشكل توفير المنزل الملائم أكبر الهواجس لأي ربُ أسرة. حيث يصنف علماء النفس الحاجة لوجود المسكن في أولوية الضروريات اللازمة للبقاء.

في المملكة العربية السعودية وحتى نهاية العام 2016 بلغت نسبة تملك السعوديين للمنازل الخاصة اقل من 50% بالقليل على حسب البيانات المتوفرة من الهيئة العامة للإحصاء. في الوقت الذي يبلغ إجمالي المساكن المشغولة بأسر سعودية في المملكة حوالي 3.4 مليون مسكن منها 63% مملوكة مقابل 34% مستأجرة.

ويفسر الفرق بين نسبة تملك السعوديين للمنازل ونسبة المنازل المملوكة بوجود أسرتين او أكثر تقطن نفس المنزل في بعض الأحيان. و قد ترتفع النسبة مستقبلاً لمستويات أعلى بفضل المعدل الشاب لأعمار السكان في المملكة البالغ 27 عاماً والذي يعد أقل من المعدل العالمي بثلاثة أعوام.

 ولحرص القيادة في الدولة على توفر السكن المناسب لعموم المواطنين ولكبح جموح المضاربات المالية في السوق والتي أرسلت أسعار المنتجات العقارية المختلفة بعيداً عن يد المواطن, تم انشاء وزارة للإسكان قبل خمسة أعوام.

أنطلقت الوزارة بمشروع طموح لإنشاء 500 الف وحدة سكنية خصص لها 250 مليار ريال سعودي بمعدل تكلفي يبلغ 500 الف ريال للوحدة السكنية الواحدة. بالإضافة إلى عدد من الأخطاء الأخرى لعل أبرز ما لم يراعى من الوزارة في ذلك الوقت هو عدم إمتلاكها لأراضي خام مطورة من أجل إنجاز مشروع طموح بهذا الحجم. فتحولت الوزارة وبشكل مباشر من الدور التشريعي والرقابي لتمثل دور المطور العقاري على الأرض. 

لربما نجح مثل هذا النموذج في الدول الخليجية المجاورة إلا إن الفشل المحتوم كان له بالمرصاد لدينا. فلا مساحة المملكة والا مساحتها او عدد سكانها يتيح لوزارة ناشئة ان تقوم بتوفير العدد المطلوب في الفترة الزمنية المحددة.

وبعد سلسلة من التغييرات وطرح عدد من المنتجات المختلفة البعض منها كان ملائم والبعض لم يثبت جدارته لتلبية إحتياج المواطن, قامت الوزارة بطرح منتج البيع على الخارطة.

تهدف الوزارة من خلال المنتج وبالتعاون مع القطاع الخاص من مطورين عقاريين وممولين إلى تغطية الفجوة السكنية من جهة وإلى خلق قيمة مضافة في الإقتصاد في الطرف الآخر وبدون تحميل الميزانية العامة اعباء مالية جديدة.

ومن المقرر ان تطرح الوزارة ما يقارب 110 ألف منتج بيع على الخارطة خلال العام الجاري. فلماذا هذا المنتج؟ 

يوفر المنتج عدد من الخيارات السكنية المختلفة التي تلائم أغلب شرائح المجتمع. فيقوم البرنامج مثلاً بعرض عدد من الخيارات والنماذج السكنية المختلفة للمستفيدين.

ومن ثم يتم إرسال طلب التمويل لأحد البنوك المشاركة. يتم دعم أرباح البنك على التمويل المدعوم من قبل الوزارة لمن تقل رواتبهم عن 14000 ريال شهرياً (تقل نسبة الدعم الى 35% من الأرباح لمن يزيد دخله الشهري عن هذا المبلغ) وبحد أعلى 500 الف ريال سعودي. كما تقوم الوزارة بالدور الأشرافي للتأكد من ألتزام المطور العقاري بتسليم المنتجات السكنية خلال المدة المنصوص عليها في العقد. 

يحسب للوزارة عدد من الأمور بعد توفير هذا المنتج. أولاً تحول الوزارة من دور المطور العقاري للدور الإشرافي والرقابي الذي يليق بحجم الطلب في المملكة.

ثانياً تقليص مدد الانتظار الطويلة للحصول على قرض البنك العقاري. فالأخير محكوم بتوفر السيولة أما عن طريق تحصيل القروض القائمة او عن من خلال دعم وزارة المالية للبنك متى ما توفرت السيولة المطلوبة.

ثالثاً الأستفادة من المخططات السكنية والأراضي الخام المتوفرة لدى المطوريين العقاريين في مواقع مناسبة وقريبة من التجمعات السكانية في المدن. والأستفادة من وجود مطوريين عقاريين ذو خبرة لتصميم وتنفيذ وتسليم منتجات مناسبة. رابعاً الحد من المضاربات العقارية التي ساهمت في جموح أسعار العقار خلال السنوات الماضية.

خامساً تمكين المواطن من تملك عقار خاص به وبدون الحاجة لدفع أرباح تمويلية مرتفعة وبأقساط ميسرة قد لا تتجاوز في كثير من الأحيان ما يدفعه المواطن على عقار مستأجر حالياً.

على سبيل المثال في حال توفر شقة سكنية بمبلغ 400 ألف ريال, وبعد الحصول على مبلغ التأمين المدعوم تقدر قيمة القسط السنوي للمستفيد ما يقارب العشرين ألف ريال سنوياً وهو مبلغ مقارب لما يدفع حالياً على المسكن المستأجر. إلا أن المنتج ينتهي بالتمليك في هذه الحالة على عكس الإيجار المدفوع.

وقد اتخذت الوزارة عدد من الخطوات الكفيلة بضمان جدية المطور العقاري لتسليم المنتج النهائي للمستفيد. فتسليم الدفعات للمطور مثلاً مرتبط بنسب إنجاز المشروع. وفي حال إخلال المطور بتنفيذ شروط العقد يحق للوزارة مصادرة العقار وتسليمه لمطور آخر للعمل فيه. كما يحق للمواطن الغير راغب في المنتج العودة لقوائم الإنتظار حتى توفر منتج مناسب أخر.

وحتى تكتمل الصورة نحث الوزارة على سرعة إعتماد النماذج السكنية حيث ما زال عدد منها تحت الدراسة في بعض المناطق. وعلى ان تكون أسعار المنتجات السكنية في متناول يد المواطن العادي حتى تبلغ الفائدة أقصاها.

خاص_الفابيتا