لكيلا يحترق الدينمو

12/10/2017 10
م. برجس حمود البرجس

برامج الإصلاح الاقتصادي والتحول ستغير من سلوك الصرف في المجتمع، فهناك زيادة في أسعار الطاقة والوقود وضرائب للقيمة المضافة والمشروبات الغازية والضارة والتبغ، وكذلك زيادة في بعض الرسوم، وأيضا بالتأثير غير المباشر من رسوم الوافدين وعوائلهم، ورسوم المحلات التجارية والبلديات، ورفع الدعم عن الشركات في الغاز والوقود والكهرباء، جميع هذه المؤثرات ستغير من سلوك الصرف واستخدام الطاقة والوقود.

أعني بـ«الدينمو» في هذا المقال فئات من المجتمع يتراوح دخلهم الشهري بين 20 ألفا و50 ألف ريال، هؤلاء (تقريبا) لن يحصلوا على دعم بسبب رفع أسعار الوقود والكهرباء وأيضا سيتأثرون برفع الرسوم الأخرى والضرائب وغيرها.

هؤلاء هم الأطباء والأساتذة الجامعيون ومدراء الشركات وبقية الوظائف، وأيضا الزوج وزوجته والذين مجموع دخلهم 20 ألفا وما فوق. «الدينمو» ليسوا من الأثرياء الذين لن يتأثروا بالتغيرات، وليسوا من ذوي الدخل المتوسط وما دون والذين سيحصلون على بعض الدعم الحكومي.

«الدينمو» هم العميل الأكبر للمدارس الخاصة، وكذلك المطاعم والمقاهي والسياحة والسفر الداخلي وأجهزة الاتصالات والكمبيوتر، وهم أيضا عملاء مهمون لبعض أنواع السيارات وعيادات الأسنان والتجميل وما شابهها كما هو معروف للجميع. هذه الفئة، «الدينمو»، هي الفئة الأكبر إنفاقا في داخل الاقتصاد المحلي، حيث ينفقون على السكن والمواصلات والطاقة والتعليم والاتصالات والأثاث وغيرها من ضروريات وأكسسوارات الحياة.

لكل سعودي يعمل براتب 36 ألف ريال في القطاع الخاص، يقابله 17 سعوديا يعملون براتب 3 آلاف ريال، وهذا يمثل دخل أسرهم، وهنا تتضح الفكرة لحجم الإنفاق لفئات «الدينمو» داخل الاقتصاد.

التأثير على رواتب «الدينمو» يترتب عليها اقتصاد على بعض مصروفاتهم، فمثلا سيتوقف بعضهم من تدريس أبنائهم وبناتهم في المدارس الأهلية، وهذا يتسبب بهجرة عكسية إلى المدارس الحكومية، وهذا عبء على فاتورة «التعليم»، وأيضا غير محفز للاستثمارات في الخصخصة والاستثمارات بالمدارس الأهلية.

حتى وإن دعمت الدولة برامج الإسكان للفئات الأقل دخلا، إلا أن فئات «الدينمو» سيكون لها تأثير سلبي على العقار والإنفاقات على البناء والتعمير، وكذلك تأثير سلبي على السياحة والعمرة، والصرف على فنادق مكة وفنادق السياحة في جدة والطائف وأبها والباحة وغيرها.

فئة «الدينمو» ليست فقط في القطاع الخاص، بل حوالي 20 ألف طبيب وطبيبة سعوديين في القطاع الحكومي وحوالي 40 ألف عضو هيئة تدريس جامعي في الجامعات الحكومية، وأيضا كل موظف حكومي أو عسكري يزيد دخله عن 20 ألف ريال، وكذلك أصحاب المؤسسات الناجحة الصغيرة.

توقف «الدينمو» يتوقف معه الكثير من الأعمال، بكل بساطة خفض الإنفاق ينعكس بشكل مباشر على القوة الشرائية التي تنعكس على انكماش في عدد المحلات، وبالتالي سيؤثر على وظائف بقية السعوديين. هذه الفئات «الدينمو» تنفق مبالغ كثيرة جدا مقارنة بالفئات الثرية نظرا للفارق بين أعدادهم، وأيضا تنفق مبالغ كثيرة جدا مقارنة بالفئات ذات الدخل المحدود في سلع وخدمات ذكرناها في أول المقال.

المملكة تعمل على برامج توطين للوظائف بالكامل وهذا أمر جيد ومهم، فقد بدأت بتوطين صيانة الجوالات، والآن أعلنت أنه في منتصف العام القادم سيتم توطين وظائف محلات تأجير السيارات، وكذلك البائعين داخل المولات، ورفع نسب التوطين للمهندسين وأيضا للأعمال الصناعية، والبقية ستأتي بالطريق. هذا سيرفع من عدد الموظفين السعوديين ولكنه سيخفض من معدل دخل الأسرة، حيث إن الزيادة في التوظيف للرواتب المتدنية.

نقلا عن صحيفة مكة