لا حق لك في أموال البنوك المجانية!

16/08/2017 4
أحمد الزمامي

«لا مُشَاحَّة في الاصطلاح» وأعتقد أنها لا يمكن أن تنطبق على موضوع اليوم، لكل قوم اعتقادهم وإيمانهم فمنهم من يرى أن هناك بنوكا إسلامية وبنوكا تقليدية، ومنهم من يرى أنه لا فرق بينهم وأنه لا وجود لشيء إسمه بنك إسلامي، وبعضهم يرى أن الأموال التي يُودعها العميل في البنك، يحق للعميل مطالبة البنك و أخذ فوائد عليها وبعضهم يرى عكس ذلك. لن نناقش شرعية هذه الأموال من عدمها فلكل إنسان مرجعيته التي يستند فيها على مثل هذا الأمر.

وبحكم إيمان الغالبية من العُملاء بعدم جواز أخذ فوائد على ودائعه في البنك أصبحوا يتوجهون لفتح حسابات جارية لا تدفع البنوك أي فوائد لهم وهذه المبالغ كبيرة حيث بلغت حسب آخر إحصائية لساما 982 مليار ريال. لذلك دائما ما يُعاد طرح تساؤل لماذا لا تُجبر البنوك على إنشاء مشاريع ضخمة للخدمة المجتمعية أو حتى فرض ضريبة عليها من أجل تحصيل هذه الفوائد.

البنوك شركات مساهمة فهي متاحة للتملك لأي مواطن ويمكنه الإستفادة من أرباحها عن طريق التوزيعات السنوية لحملة الأسهم، والدولة ممثلة بصناديقها تمتلك في بنكين ما نسبته 46 ٪ و 64 ٪ وبقية البنوك نسبة التملك فيها 30 ٪ وأقل. لذلك فالغالبية العظمى من أسهم البنوك متاحة للعامة وليست أملاك خاصة فكيف يتم المطالبة الدائمة بإجبار البنوك بتقديم مثل هذه المشاريع؟ لأن المواطن المتملّك في أحد هذه البنوك يرى في ذلك تعدّي على شركته المساهمة وأنه أحق بتوزيعات هذه الأموال بدلا من إقامة هذه المشاريع والأفضل لحفظ حقوق المساهمين أن لا يتم ذلك إلا بعد التصويت بالجمعيات العمومية.

ليست وحدها البنوك من يربح أموال طائلة بهذه الطريقة، فشركات البتروكيماويات والإسمنت تحصل على دعم سخي من الدولة حفظها الله وهو تنازل من الدولة عن حقها في تحصيل سعر اللقيم الحقيقي لهم، والبنوك شبيه بهذه الحالة لكن المواطن بذاته وبقناعته الدينية هو من تنازل عن حقه في هذه الفوائد «الربا» فإذا تنازل طواعية عنها امتثالا للشرع وإيمانا بوجود بنوك إسلامية فكيف يعيد المطالبة بصرفها؟

لست ضد العتب على البنوك وجميع الشركات في ضعف مساهمتها في الخدمة المجتمعية لكنني ضد هذه الإزداوجية في الرأي فإذا تنازلت عن هذه الفوائد بقناعتك كيف تعيد المطالبة بصرفها؟ لأنه منذ البداية يمكنك إيداعها بحساب بنكي يدفع لك هذه الفوائد وبيدك الخيار حينها لصرفها أو التبرع بها. ولنتذكر دائما أن الشركات المساهمة فيها آلاف المساهمين من المواطنين ومتاحة للجميع فلا يمكن إجبار أحد هذه الشركات بصرف تبرعات كبيرة بدون إذن المساهمين لأنها في نهاية المطاف تُعتبر أملاك لهم.

 

نقلا عن الرياض