هل كل بيع من المؤسسين سيئ؟

14/08/2017 2
عبدالله بن عبدالرحمن الربدي

تعمل الأسواق المالية كمنصة منظمة لعرض الأسعار وتناقل الملكيات للأوراق المالية للأصول التي تمثلها سواء كانت أسهم شركات او سلع او سندات دين او عملات وغيرها، لذلك نجد طرفين في كل معاملة بائع ومشتري مثلها مثل أي تعامل تجاري، في الآونة الاخيرة كثر الحديث حول قضية تخارج الملاك او بيع الملاك (وهنا نقصد المؤسسين) نسب من ملكياتهم خصوصا في الطروحات الأولية، وللأسف يوجد هنالك لغط حول فهم الدوافع لهذا التخارج والاستنتاجات المبنية عليها وعلى مدى التأثير على مستقبل الشركة وحركة السهم، وهنا نوضح بعض النقاط حول التخارج واسبابه المتوقعة والتفريق بينهم حتى يستطيع المستثمر قراءة هذه الاخبار بشكل سليم وبعيد عن التهويل الغير منطقي.

في البداية يجب ان نفهم الأسباب التي من الممكن ان تجعل الملاك يبيعون كامل او جزء من حصتهم في الشركة ومنها:

1-متطلب للإدراج، لا يمكن ان يتم تداول أسهم الشركة من دون وجود حصة للبيع والتداول ولذلك عند طرح الشركة للتداول يجب التخلي عن حصة مقابل سعر معين تكون متاحة للبيع والاكتتاب (حسب ما هو متبع في اغلب الاسواق)، وقد يحتج البعض بقضية لماذا لا يلجأ الملاك الي زيادة رأس المال وطرح الحصة الجديدة للاكتتاب مباشرة من دون استفادة الملاك مباشرة من الاكتتاب، طبعا هذا خيار مطروح وتم العمل به (وان كان بشكل محدود جدا) لكن ليس كل الشركات في حاجة الي زيادة رأس المال ولذلك لا نستطيع تعميم هذا الخيار على الجميع.

2-حاجة الملاك الي المال لتمويل استثمارات أخرى او تمويل احتياجاتهم، وهذا طبيعي حيث قد يلجا الشخص الي بيع جزء من ممتلكاته او استثماراته حتى وان لم يرغب بذلك.

3-التقييم المغرى، من المنطقي اذا عرض عليك سعر مغري لأي اصل (معروض للبيع) سوف تبيعه خصوصا اذا كان لديك سبل استثمار بديلة ومختلفة مغرية، وهذا يفسر بيع بعض المؤسسين او الملاك الكبار لجزء من اسهمهم عند ارتفاعها بشكل جنوني ولمستويات تفوق بكثير القيمة الحقيقية للشركة مهما كانت جيدة، فلو فرضنا وبشكل مبسط جدا ان الشركة مكرر ربحها عند سعر 20 ريال يبلغ 15 مرة، ولو فرضنا ان هنالك مضاربات وارتفاعات قوية حدثت بالسوق رفعت سعر الشركة الي 50 ريال وبهذا ارتفع مكرر الربحية الي حدود 38 مرة وهو وبكل تأكيد مبالغ فيه وخصوصا في حال عدم توقع وجود نمو كبير بأرباح الشركة يقارب 250% وبشكل مستقر لأرباح السنوات العشر القادمة وهو امر من شبه المستحيل حدوثه، فلو كنت احد الملاك لبعت اسهمي في السوق وهذا قرار طبيعي ومنطقي.

4-التنويع، قد يلجا ملاك الشركة الي بيع جزء من أسهمه لتحقيق تنويع في استثماراته ولتقليل مخاطر التركيز في انشطته واستثماراته، حاله حال أي مستثمر ولديه محفظة ويعمل على تقليل المخاطر عن طريق التنويع بين القطاعات والأسهم.

اذن هنالك أسباب كثيرة تدفع الملاك لبيع اسهمهم سواء في عملية الطرح او ما بعد الطرح ويجب عدم تصوير الامر بشكل سيئ تماما، لكن لا يعنى ذكر هذه الأسباب انه لا يوجد بيع تخارجي يحمل معاني سيئة على الشركة وخصوصا وجود تجارب حدثت بالسوق السعودي اثرت على ثقة كثير من المتداولين، سواء شركات تدهورت نتائجها بعد الاكتتاب او تخارج الملاك بشكل شبه كامل بوقت سبق تدهور أحوال ونتائج شركاتهم المتداولة، ولكيلا يقع المتداول في حيرة حيال الاكتتابات الجديدة وضرورة بيع الملاك لأسهمهم ليتم تداول شركتهم وبين التخارج ذو الدلالات السيئة، في حالة الاكتتابات الجديدة يتم مراجعة القوائم المالية السابقة والنظر الي عدة مؤشرات منها (وعلى سبيل المثال فقط) استقرار المبيعات ونموها الي جانب الأرباح، والأصول ونسبة الديون والهوامش وغيرها الكثير ليتم الحكم على متانة وأداء الشركة، اما في حالة الشركات المتداولة فهنالك مؤشرات كثيرة تشعل حذر المستثمر "اذا حصلت وترافق معها سلسلة من البيع من قبل الملاك المؤسسين" منها نسب الديون وحدوث مشاكل في التدفقات النقدية، قرب انتهاء امتياز او وكالة او أي حقوق كانت الشركة تحقق أرباح ومبيعات ذات نسبة كبيرة لها، قضايا قانونية ذات تأثير جوهري على استمرارية الشركة، غموض كبير ومهدد للقطاع الذي تعمل فيه الشركة قد يكون جراء تغيرات تقنية مدمرة او تغيرات في اقتصاد البلد، ارتفاع كبير في تكاليف التشغيل في القطاع الذي تعمل فيه الشركة أدى الي تقلص مخيف في هوامش الربحية وغيرها الكثير من المؤشرات الخطيرة التي يجب الانتباه لها "اذا ترافق معها" بيع منظم (تخارج تدريجي) او غير منظم من قبل الملاك.

ختاما هنالك الكثير مما يمكن ان يذكر هنا لكن المجال لا يتسع والمهم ان يستوعب المتداول وان يقرأ بذكاء المؤشرات ويستنبط إذا كان التخارج من النوع الطبيعي ولاحد الأسباب التي تم ذكراها في الأعلى ام كان دلالة واضحة على تخارج بسبب علم المؤسسين والذين هم في الاغلب أعضاء مجلس الإدارة بمشكلة جوهرية تهدد مستقبل الشركة واستمراريتها.