رفع تكلفة قطاع الأعمال !

14/08/2017 3
سعيد بن زقر

تتبدى معاناة قطاع الأعمال بالمملكة هذه الأيام في صور متعددة من حيث ارتفاع التكلفة والزمن الذي يستغرقه الترخيص إلى إجراء المعاملات. مما يشكل تحدياً إضافياً لتحديات ترتب عليها خروج عدد من المنشآت الصغيرة والمتوسطة من السوق. يحدث هذا رغم أن التوجه الرسمي يحد من بيروقراطية جهات يتعامل معها القطاع الخاص. وقد عجزت هذه الجهات عن تبرير التطويل أو تقليل تداخل الشروط التي تطلبها. وللمفارقة بعض الشروط تتناقض مع غيرها لحد فرض غرامة جهة حكومية أخرى.

وعلى المراجع التوفيق بين المتناقضات والوفاء بالمطلوب. إن تبني حكومة سيدي خادم الحرمين لمفهوم الحكومة الإلكترونية، يعني أن استخدام البيروقراطية يصادم هذا التوجيه ، ويخلق متاعب ويزيد تكاليف التشغيل على مواطن الريف والمدن ، وكأن ذلك هدف وغاية. إن استخراج ترخيص لمحل يستدعي مراجعة جهات كالأمانات والبلديات، والدفاع المدني والمرور فضلاً عن جهات أساسية لها شروطها التي لا تكون مقبولة لدى غيرها. هذا الوضع يحير المراجع ، حول ما الذي يجب فعله؟ ، وحيث إنه يريد أن يختصر الوقت للحصول على الخدمة، فإنه يستنتج إجابات من عنده، ويؤول مقاصد كل جهة. وإن تفاجأ بطلبات جديدة فهو قد تهيأ للمفاجآت وأي غرامات!.

ففتح محل للملابس، يستدعي المرور بكل هذه الجهات كما يستدعي تحديد منتج واحد ولو كان يشابه غيره كالملابس، ويقبل المواطن لكي يرخص له ولكن عندما يفتح المحل فإنه يكون عرضة للغرامة متى وجد منتج أو مشتقات غير التي ذكرت في الترخيص بينما الملابس تشمل طيفاً من المنتجات. وهذا من تناقض الشروط التي لن تعفي حتى لو تعلل صاحبها بموافقة المدير الذي اعتمد الترخيص لأنه يكون غادر ومن أتي في مكانه لا يرى الا العقاب والغرامة كعلاج. وهذه الجزئية تعكس غياب التنسيق الإستراتيجي بين الجهات التي تقدم خدماتها للقطاع الخاص فبدلاً من إحكام حلقات التنسيق فيما بينها واختصاراً للوقت تفضل أن يُحمَّل التاجر المسئولية بافتراض أنه بطبعه مخالف أو يفترض أن يعرف ما الذي عليه فعله وما الذي يجب ان يتجنبه. فالطرف الأضعف في المعادلة دائماً يسلك مفترق الطرق ويتحمل ارتفاع تكلفة الأيدي العاملة وارتفاع التراخيص فضلاً عن التحسب لأي ضريبة قيمة مضافة قد تدخل حيز التطبيق.

بحكم احتكاكي بالسوق ومتابعاتي اللصيقة بالتراخيص والسجلات، أسدي اقتراحاً بحيث يكتفى بوزارة التجارة لاستخراج التراخيص، وتصبح الجهات الأخرى رقابية. والاقتراح ينسجم مع توجيهات رسمية تدفع نحو استخدام التقنية لتسهيل حياة المواطن والحد من التوجهات التي تدفع إلى الخلف لعهد الملف الأخضر. إن اقتراحي نابع من تجربة، وأنه بقدرما يتم تقليص عدد الجهات التي تخدم العمل التجاري بقدرما ينساب الأداء وينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني والتنافسية. لاشك أن اقتراحي قد يقلص إيرادات بعض الجهات التي تقدم خدماتها لقطاع الأعمال ويحد من سلطاتها وغراماتها ولكن في المقابل فإن توجهاتها غير تنموية، وتكلفتها أعلى وضررها أبلغ بغايات رؤية 2030 التي طالما راهنت على القطاع الخاص كقاطرة نمو ومصدر تنويع للإيرادات. وأي توجه معادٍ للقطاع الخاص سيسهم بهزيمة غاياتنا الوطنية لا قدر الله ويقعد بالأهداف الاقتصادية النبيلة.

 
نقلا عن المدينة