ماذا يعني الترخيص لـ13 بنك للمشاركة بباكورة المملكة من الصكوك المقومة بالريال؟

20/07/2017 1
محمد الخنيفر

يعني أن البنوك المحلية قد حصلت على الموافقات الإدارية اللازمة من أجل المشاركة بالإصدار (وهذه الموافقات تشمل الهيئات الشرعية لكل بنك). فالاصدار لن يكون مقصوراً على البنوك الإسلامية بل سيشمل البنوك الأخرى التي لديها نوافذ إسلامية.وبذلك تكون الخطوة المقبلة الشروع في مرحلة الإصدار والتي تشمل تحديد وقت الإصدار وحسم موضوع الجانب التسعيري للصكوك .فوزارة المالية قد أعلنت عن إنشاء "برنامج صكوك مقوم بالريال" بحيث يتم طرقه في أي وقت (بغض النظر عن الآجال المتفاوتة للإصدار). اضف الى ذلك أن هذا البرنامج سيسهل من وتيرة اصدارات الصكوك القادمة (كخلفية عامة إصدارات الصكوك تأخذ الكثير من الوقت من أجل الإعداد لها بشكل كامل مقارنة مع السندات وبرنامج الصكوك الذي تم انشائه سيختصر المدة بشكل كبير). 

بخصوص الجانب الشرعي، فمن المتعارف عليه أن جهات الاصدار التي لا توجد في بلدانها هيئات شرعية مركزية خاصة بالعمل المصرفي، فإن تلك الجهات تستعين بالهيئات الشرعية للبنوك المرتبة للإصدار وذلك من أجل تقديم المشورة الشرعية حول هيكلة الصكوك وإصدار الفتوى. ولا أستغرب قيام الهيئة الشرعية لبنك الإنماء بهذا الدور مع الإصدار السعودي المرتقب.

التسعير

مع ندرة الإصدارات السيادية المقومة بالريال من الصكوك، فأتوقع أن تحظى وزارة المالية بمرونة أكبر في التسعير مع المستثمرين المحليين بما ينعكس إيجابيا على خزانة الدولة. شخصياً أتمنى استخدام حجة نقص المعروض من الصكوك السيادية من أجل الضغط تسعيرياً على "الهوامش الائتمانية" بحيث يكون تسعير الصكوك داخل القيمة العادلة للسندات التي سبق إصدارها قبل 9 أشهر بالسوق المحلي. من الجوانب الإيجابية التي قد تساهم في تضييق نطاق الهوامش التسعيرية لصالح السعودية يكمن في وفرة السيولة الفائضة بالقطاع المصرفي والتي انعكست ايجابياً على استقرار "أسعار الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية" (سايبور) ولمدة 5 أشهر متوالية.

 الدين المُسعر بفائدة ثابتة أو متحركة

لن أستغرب لو تم تسعير الصكوك القادمة بربح ثابت أو متغير أو كلاهما. لذلك من المفيد أن تكون لدينا الخلفية الازمة عن المنظومة التسعيرية لأسواق الدين بالمملكة وطريقة عملها. فإذا تم تسعير أدوات الدين بفائدة ثابتة فهذا يعني أن المستثمر يعرف حجم الفوائد التي سيستلمها خلال فترة معينة. تميل الجهات المصدرة نحو الفائدة الثابتة من أجل إغلاق (lock in) نسبة العائد الثابت خلال الأوقات التي تكون فيها أسعار الفائدة منخفضة (وبذلك توفر الملايين في حالة ارتفاع أسعار الفائدة بعد إغلاق إصدارها). ولكن أحد أهم العوامل التي تسهل عملية التسعير هذه هي وجود مؤشر قياسي ( Benchmark) يسترشد به. وهذا المؤشر كان مفقوداَ بأسواق الدين السعودية (لسنوات طويلة) قبل أن يعاود الظهور مؤخرا (مع إصدارات ساما في 2015). أما أدوات الدين المسعرة بفائدة متحركة فإنه يعاد تسعيرها (كل 3 أو 6 أشهر) بحسب بمؤشر القياس المستخدم. فعالميا يتم استخدام الليبور (وفي السعودية نستخدم السايبور). ولذلك يسهل على البنوك تسعير قروض الأفراد والشركات وأدوات الدين باستخدام مؤشر القياس السايبور (بسبب توفر بياناته اليومية). 

منحنى العائد مع الدين المُسعر بفائدة ثابتة

يجب علينا، من أجل تطوير أسواق الدين بالمملكة، إيجاد منحنى عائد (Yield Curve ) للسندات والصكوك السيادية. منحنى عائد يحوي آجال متفرقة (3 أشهر-سنة- 5 سنوات الخ). لذلك عندما أصدرت السعودية سنداتها الدولية، قام مكتب إدارة الدين (بوزارة المالية) بالاسترشاد بعوائد سندات الخزانة الأمريكية (الذي كانت تحوي على آجال 5 و10 و 30 سنة). هذا المؤشر «الحي» الذي يستعان به مع الديون المقومة بالدولار غير متوفر بالسعودية بطريقة يمكن أن نصفها بالمرنة. الأمر الذي يعوق الشركات (التي تنوي استخدام الفائدة الثابتة) من استخدام مؤشر قياس لديونها المقومة بالريال. وبسبب ذلك تدفع الشركات لتسعير أدوات الدين والقروض بالفائدة المتحركة ولتعرض أرباحها المالية للتآكل في حالة حدوث تقلبات سريعة وغير متوقعة عبر ارتفاع معدلات السايبور.

الحلقة المفقودة: مؤشر القياس السعودي

من أجل تبيين أهمية إيجاد مؤشر محلي قياسي تستعين به الجهات الشبه الحكومية والشركات ( الجهات المصدرة) عند إصدار أدوات دين، لنأخذ هذا المثال البسيط الذي يوضح الحلقة المفقودة في المنظومة التسعيرية لأسواق الدين بالمملكة. لو افترضنا قيام ساما (البنك المركزي) بإصدار سندات ذات أجل 5 سنوات (بفائدة ثابتة) وتم تسعيرها ( spread) بـ50 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية ذات الأجل المماثل (أي 100 نقطة أساس). وهنا تكون نسبة الفائدة السنوية لتلك السندات هي 1.50 %. لاحظ أن السندات مقومة بالريال والمؤشر القياسي الذي استخدمته حكومة المملكة هو عوائد سندات الخزينة الأمريكية. وذلك بسبب ربط الريال بالدولار. بعدها بيوم تقرر إحدى الشركات إصدار سندات ذات أجل 5 سنوات (بفائدة ثابتة). فهنا سنقول (بعد أن نأخذ في عين الاعتبار التصنيف الائتماني للشركة) أن تسعير سنداتها المقومة بالريال سيكون 90 نقطة أساس فوق سندات حكومة المملكة ذات الأجل المماثل. وبذلك تكون نسبة الفائدة السنوية لتلك السندات هي 2.40 %.

دور «تداول»

ومن أجل إيجاد مؤشر قياس لأدوات الدين المقومة بالريال، علينا في البداية إدراج السندات السيادية للمملكة (بكافة آجالها) التي بدأت ساما في إصدارها منذ يوليو 2015 (وذلك للمرة الأولى منذ 2007).  ويكمن التحدي الجوهري للسوق المالية في إيجاد حل لتشجيع تداول أدوات الدين بالسوق الثانوية. فمن دون تداولات نشطة و»حية» فلن يكون هناك مؤشر قياس يعتد به ولن تحصل أسواق الدين على منحنى العائد الذي يسترشد به مع التسعير. نحن نريد إيجاد سوق دين متكاملة ومستدامة ومن دون إدراج أدوات الدين السيادية وضمان تداول نشط عليها فلن نستطيع إيجاد مؤشر قياس مستدام.