وللإنكماش أيضاً فوائد !

18/07/2017 0
راكان الفريدي

تعتبر التنمية الإقتصادية المحصلة الطبيعية لكل دولة تسعى لتحقيق نمو إقتصادي طبيعي منبثق عن تشاركية فعالة بين القطاعين العام والخاص، يقف كل منهما عند حدود تخصصه ولا يعتمد أحدهما على الأخر بشكل مفرط أو أن يتبادل القطاعين دوريهما الذي وإن حصل فسينتج إقتصاد يعاني من تشوهات تعوق من تقدمه أو تمنحه تقدما سريعاً غير قابل للإستمرار، وتؤثر بشكل كبير نتائج التنمية الإقتصادية على حياة المواطنين أكثر من تأثيرها على الحكومات التي بدورها تسارع إلى تعويض الإنكماش بالحلول التقليدية على رأسها التقشف وكبح النفقات.

وعندما تواصل وبالتدريج معدلات النمو الإقتصادي بالوصول إلى مستويات متدنية جداً لأي سبب سواءاً إقصادي او سياسي تبدأ بعد ذلك بالدخول في حالة الإنكماش الذي سينتج مشاكل إقتصادية كبيرة تحتاج إلى وقت طويل لمعالجتها ولتعويض دخولها في المناطق السالبة على أقل تقدير، وهو الامر الذي سيولد بدوره الركود ومايعرف أيضاً بالتضخم السلبي أو الكساد والكثير من الأوضاع الإقتصادية التي تخشاها الدول وشعوبها.

ولكن لو نظرنا لهذا الإنكماش الإقتصادي من زاوية تحليلية وأيضاً من زاوية تاريخية لوجدنا أن مايعقبه ليس سيء بالضرورة بل على اغلب الأحوال هو علاج صحي لحالات إقتصادية كثيرة وإنعاش ودعم للإبتكارات والتطوير كذلك التفكير بطول نظر والبحث بجدية عن كل ماهو محفز، فمثلاً عندما إرتفع سعر النفط إلى مستويات قياسية دفع ذلك الكثير من الدول المستهلكة إلى التركيز على الجانب البديل وهي الطاقة المتجددة أو ماتعرف بالطاقة النظيفة وغيرها، بل حتى أن بعض الدول لجأت للإستفادة من حرارة البراكين النشطة وحولتها إلى طاقة وأحرزت الكثير من هذه الدول بدورها تقدماً كبيراً في هذا المجالات.

وأما على مستوانا كدول مصدرة تأثرت بالإنخفاض الشديد بأسعار النفط ومشتقاته فالوضع مختلف ولكن المحصلة واحدة، فلعل من أهم فوائد الإنكماش الذي تعاني منه منطقتنا مبدئياً سرعة تجاوب صناع القرار مع الوسائل الجديدة لتوفير الطاقة والمحافظة عليها ومحاربة وسائل الهدر وتوجيه النفقات بشكل دقيق ووضع خطط للتحول وأخرى للتخلص من السياسات التي أدت لحدوث مثل هذه الأزمات كل هذا على المستوى الحكومي فقط، أما على المستوى الخاص للمواطن فسيصبح مرن ومتناغم مع الحالة الإقتصادية العامة ويحدَث ثقافته الإستهلاكية التي طغت عليها ثقافة التبذير بشكل كبير أو على الأقل دمرت لديه ثقافة الإدخار حتى وصل به الأمر إلى الإقتراض والغرق بمستنقع الديون.

الإنكماش حتى وإن طال ظلامه سينقشع وسيبقى ذكرى ومحفزاً ودرساً صارماً لأي إقتصاد ريعي أو سطحي لم يؤسس لقاعدة متينة من التنوع الصناعي وأخرى تعتمد على تنويع المصادر، نحن في هذه الأثناء نمر بأوقات عصيبة تماماً كالتي يمر بها المقلع عن النيكوتين بعد سنين من الإدمان فسنعاني من ركود مؤقت وأزمات عابرة تصل بنا في النهاية إلى الإستقرار الإقتصادي وتعاود معدلات النمو بالإرتفاع بشكل طبيعي ومستقر، وهي ماننشده ودولتنا في 2030، وفي المحصلة نقول لكل من يرى في الإنكماش ومايسبقه حالة سلبية فقط أنظر بموضوعية لما أنتجته لدينا من خطط تحولية لم نكن نحلم بها حتى وأيضاً تفكر على الأقل بعودة بعض الأسعار لحقيقتها والمنافسة الحقيقية بين الشركات وبإذن الله القادم أجمل وإقتصادنا بخير.  

خاص_الفابيتا