المملكة أكبر مصدر للموثوقية قبل النفط!

16/07/2017 2
د. فيصل الفايق

المملكة العربية السعودية ليست أكبر مصدر للنفط للعالم فحسب، بل الأكثر موثوقية عالميا في تصدير النفط بلا منازع، وهذا يجب أن يكون محل فخر لكل أبناء هذا الوطن، ونحن نفتخر بتصدير هذه الموثوقية والإلتزام بالإمدادات الموثوقة لعملائنا بدور لا يضاهيه أحد، مما يحقق اطمئنانا وتوازنا في أسواق النفط، ويسهل كل احتياجات إمداد الطلب العالمي المتزايد على النفط.

ومما لا يمكن أن يخفى على أي مهتم، أن بيئة أسعار النفط المنخفضة خلال الثلاث سنوات الماضية تسببت في هبوط كبير جدا في مشاريع المنبع بحوالي تريليون دولار من استثمارات المنبع حول العالم، وهذا يهدد إمدادات النفط العالمي والتي لم تشهد استثمارات قادمة عند مستويات أسعار النفط المنخفضة حاليا والتي لا تشجع شركات النفط العالمية على الإستثمار، وبالرغم من ذلك فإن مشاريع المنبع في المملكة لم تتوقف، بل استمرت كما خطط لها مسبقا، في الوقت الذي شهدت أغلب مشاريع المنبع الأخرى حول العالم تعثر شديد بعد أن تم تأجيلها أو إيقافها بالكلية.

مشاركة أرامكو السعودية خلال مؤتمر البترول العالمي في نسخته هذا العام 2017، جاءت تأكيدا على دور المملكة المحوري، عندما سلطت أرامكو السعودية الضوء على آليات التحول التي تتبعها لمواكبة المتغيرات الاقتصادية ومتطلبات الصناعة الجديدة، حيث تخطط أرامكو السعودية لإستثمار أكثر من 300 بليون دولار خلال السنوات العشر القادمة في أنشطة النفط والغاز وذلك لحاجة الطلب المحلي، وحتى الطلب العالمي الذي يعاني من:

*  انخفاض شديد في أنشطة الاستكشافات والتنقيب حول العالم في السنوات الثلاث الماضية.

*  نقص الإمدادات من المكسيك وفنزويلا مما سيقلص المعروض العالمي.

*  معدلات الهبوط الطبيعية مع تقادم حقول النفط التقليدية.

 

وسوء التقدير هذا جاء بعد أن تجاهلت شركات النفط العالمية تأثير انخفاض الأسعار منذ منتصف 2014 على استثمارات المنبع، وبالتالي نقص قادم لا محالة في إمدادات النفط العالمية في ظل التزايد المضطرد في الطلب على الطاقة مدفوع بقوة بالتغيرات الإقتصادية والديموغرافية القادمة في العقدين المقبلين.

ومع ذلك التجاهل العالمي إلا أن مشاريع المنبع لم تتوقف في المملكة العربية السعودية، مما يعزز مكانتها الرائدة كأكبر مصدر للنفط، وقد تجسد ذلك جليا عندما دشن ملك العزم سلمان الحزم، في نهاية عام 2016 عددا من المشاريع التنموية، من مشاريع المنبع والبتروكيماويات، ووضع حجر الأساس لمجمع رأس الخير للصناعات والخدمات البحرية، مما سيسهم في دفع عجلة التنمية، كما سيرسخ الخطى لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، والتي تهدف في محورها الاقتصادي على أهمية الصناعة ويأتي في طياتها مضاعفة إنتاجنا من الغاز، وإنشاء شبكة وطنية للتوسع في أنشطة توزيعه لتزويد مصانع البتروكيماويات بحاجتها منه، والدفع بعجلة هذه الصناعة لمرحلة متقدمة ليجعل الريادة للمملكة، ولتلبية الاحتياجات المحلية والعالمية من الطاقة وتعزيز الاقتصاد الوطني.

في هذا برهان كاف على أن لدينا في هذا القطاع وضوح في أهدافنا بتوظيف كل إمكاناتنا الهائلة في رفعة الوطن والمواطن، ولضمان تربع المملكة على قمة من الاستعداد لكل ما يلزم للوفاء بالتزامها الدائم تجاه الطلب العالمي المتزايد على النفط، والذي لاتستطيع الطاقة المتجددة أن تعوضه حتى على المدى البعيد لضئآلة نسبة مزيجها في مزيج الطاقة الكلي! 

وحراك بهذا الحجم مؤشر لا يمكن إغفاله، يدل على أن المملكة رغم الانخفاض الشديد في أسعار النفط العام الماضي، حيث تدنى متوسط سعر خام برنت إلى 43 دولار ولاتزال أسعار النفط تتحرك في نطاق ضيق متقارب من ذلك المستوى، إلا أن مشاريع المنبع لم تتأثر مثل باقي الدول، وأن متانة قواعد العمل في هذا القطاع أقوى من التأثر بأي تغير عابر، فالمملكة بهذا كانت وستظل -بإذن الله- المنتج الأقوى والركن الأمين والملاذ الآمن لكل ما يتصل بقطاع النفط والغاز، حتى بالرغم من أسعار النفط المنخفضة والركود الإقتصادي العالمي وما ترافق مع ذلك من مخاوف.

فإن المملكة ماضية قدما في تنفيذ واجبات المرحلة، وكل ما يدعم متطلبات تطبيق رؤية 2030 لإقتصاد أقوى، بمشيئة الله، وتنويع مصادر الدخل، والعمل على تأمين كل السبل التي تضمن التحول الوطني نحو المكانة التي تستحقها المملكة بين مصاف الدول الكبرى المؤثرة، ليس في المحيط الإقليمي فحسب، بل في المحيط الدولي والعالمي، المملكة ثقة في الوفاء لم يحصل أن ضعفت أو تراخت قط عن التزامها تجاه تزويد العالم بالنفط، واستقرار أسواقه، والمساهمة المستمرة الواعية في دفع العجلة التنموية لكل الشركاء.