آفاق الطاقه الشمسيه في المملكه

14/06/2017 2
عبدالرحمن عبدالعزيز السالم

بدأت المملكه مشروعا بحثيا للطاقه الشمسيه في عام 1975 م مع الجانب الامريكي في قرية الجبيله شمال غرب مدينة الرياض، وكانت تجربة جميله ومبكره للاستفاده من الطاقة الشمسيه. كما بدأت المملكه مع الجانب الالماني في نفس المجال في 1986 م.

وبالرغم من دخول المجال الشمسي منذ أكثر من 40 سنه الا أن ذلك لم ينعكس على اقامة مشاريع للاستفاده من الطاقة الشمسيه. واذا استثنينا الاعلان مؤخرا عن نية اقامة عدد من مشاريع الطاقة الشمسيه الكبيره نسبيا، تبقى المملكه من أقل دول العالم استغلالا للطاقة الشمسية.

ربما كان توفر الغاز والنفط بأسعار رخيصه هو السبب الرئيسي وراء تأجيل الدخول في مجال الطاقة الشمسيه. ومن الواضح الان أن الدخول المبكر في السبعينيات كان فرصه لم تكتمل لفهم الطاقه الشمسيه وتحقيق الرياده فيها.

وتملك المملكه واحداً من أعلى معدلات الوهج الشمسي في العالم. فمثلا مقارنة مع ألمانيا، يصل المملكه من الوهج الشمسي ما معدله 2400 كيلووات ساعه لكل متر مربع  في السنه، بينما يصل  المعدل في ألمانيا الى 800 كيلووات ساعه لكل متر مربع في السنه.

وهذا يعطي ميزه مهمه للمملكه حيث أن انتاج الطاقه الشمسيه في المملكه يتطلب نظريا ثلث المساحه وبالتالي ثلث الالواح الشمسيه لانتاج نفس الطاقه الكهربائيه، مقارنة بألمانيا. ومع ذلك استطاعت ألمانيا أن تبني ثاني أكبر طاقة شمسيه في العالم بعد الصين، حيث تبلغ طاقة ألمانيا الشمسيه حوالي 40 ألف ميجاوات من الكهرباء، وهو ما يعادل حوالي ثلثي انتاج المملكه.

وقبل استعراض المجالات الممكنه للطاقه الشمسيه في المملكه، من المفيد الحديث عن أشكال الطاقه الشمسيه. حيث هناك نوعين رئيسين، الاول ما يعرف بالالواح الشمسيه أو الفوتوفلتيه وهي المصنوعه بشكل رئيس من شرائح السيليكون.

وتعتمد تقنيتها على الحزمه الضوئيه الموجوده في أشعة الشمس (الفوتونات) لانتاج الكهرباء، وهناك الطاقة الشمسيه الحراريه وتعتمد أكثر على حرارة الشمس، وهي عباره عن مرايا تعكس أشعة الشمس وتركزها لتسخين الماء وا نتاج البخار والذي يستخدم بدوره لتحريك التوربينات وانتاج الكهرباء.

ومحطة الطاقه الشمسيه الحراريه لا تختلف كثيرا عن المحطه الكهربائيه العاديه فيما عدا انها تستخدم المرايا الشمسيه لانتاج البخار بدلا من الغاز أو مشتقات النفط.

وهناك ميزه للطاقه الشمسيه الحراريه وهي امكانية تخزين الطاقه الشمسيه باستخدام الملح المذاب واستخدامها حسب الحاجه بعد غياب الشمس.

والطاقه الشمسيه الحراريه تناسب المناطق الحاره مثل المملكه وغير عمليه للمناطق البارده، وهذا ما يُفسر محدودية التقدم في هذه التقنية مقارنة بالالواح الشمسيه، حيث تم استثمار الكثير في تطويرها وخفض تكلفتها.

وهناك عدد من الاستخدامات والمشاريع للطاقه الشمسيه المتاحه في المملكه:

1.الكهرباء:و هذا أوسع مجال لاستخدام الطاقه الشمسيه في العالم، و الفرصه مواتيه لانتاج الكهرباء الشمسي سواء عن طريق الالواح الشمسيه أو الحراريه.

والمملكه بما حباها الله من طاقه شمسيه يمكن أن تكون مُنتجاً و مُصّدراً كبيراً للطاقه الكهربائيه الشمسيه. وللمقارنه، وحسب تقرير هيئة تنظيم الكهرباء والانتاج المزدوج، كان معدل تكلفة الكيلووات ساعه في عام 2015م 15.6 هلله أو ما يعادل 4.16 سنت امريكي.

وهذا الرقم مبني على النفط والغاز بالسعر المدعوم (حوالي 5 دولار للبرميل و 0.75 دولار لكل مليون وحده بريطانيه حراريه من الغاز)، وبدون دعم تكون التكلفه 80 هلله (21.3 سنت) للكيلو وات ساعه. في حين تم التعاقد مؤخراً على بناء محطات الواح شمسيه بسعر 5-6 سنت للكليلو وات ساعه. ومن المتوقع أن تستمر تكلفة الطاقه الشمسيه بالانخفاض. 

2.التحليه: هذا المجال يهمنا بشكل خاص حيث تقل المياه بشكل عام في منطقتنا، ومعظم مياه الشرب في المملكه تأتي من التحليه. وبالامكان تحلية المياه اما عن طريق انتاج الكهرباء بالالواح الشمسيه واستغلال الكهرباء في مضخات للتناضح العكسي، أو عن طريق الطاقه الشمسيه الحراريه لانتاج البخار ومن ثم استخدامه لتبخير مياه البحر وبعدها يتم تكثيفها للحصول على المياه المحلاه. 

3.النفط: معظم انتاج المملكه من النفط هو من النوع الخفيف، وحوالي 5% من النفط الثقيل. والنفط الثقيل نظراً لكثافته العاليه يصعب ضخه  واستخراجه من الارض.

ولذا يتم حقنه بالبخار الساخن لتقليل كثافته وبالتالي تسهيل ضخه واستخراجه. ويمكن للطاقه الشمسيه الحراريه انتاج البخار اللازم لهذه العمليه خصوصا في المناطق البعيده. وبهذا يمكن زيادة انتاج النفط بكميات كبيره عند الحاجه.

4.التكييف: يعتبر التكييف أكبر مستهلك للكهرباء في المملكه (حوالي 70%)، وهو أيضاً السبب الرئيس لارتفاع الذروه الكهربائيه كل سنه. وكمثال ما بين 2014 و 2015 ارتفع الحمل خلال الذروه حوالي 6 الاف ميجاوات.

ويجري العمل على تطوير تقنيات تستغل طاقة الشمس مباشرةً في تشغيل أنظمة تكييف تصلح للمنازل والبنايات. ومن المهم الالمام والمشاركه في بعض هذه التقنيات.

وخلاصةً، مع وجود الميزه النسبيه المهمه للمملكه في حجم الوهج الشمسي طوال السنه مقارنة بمناطق الاقتصادات الكبيره في اوروبا وآسيا، والانخفاض المستمر في تكلفة انتاج الطاقه الشمسيه، هناك فرصه لانتاج الكهرباء عن طريق الطاقه الشمسيه وبتكلفه منافسه للنفط والغاز، والتي ستنعكس كميزه تنافسيه في مجال الاستخدامات الداخليه أو تصدير الطاقه الكهربائيه.

خاص_الفابيتا