النفط الأمريكي بلا "قيود" (1-2)

06/06/2017 0
م. ماجد عايد السويلم

لم يكن مستغربًا لدى العاملين في صناعة النفط الأمريكية دعم إدارة الرئيس دونالد ترامب لهذه الصناعة منذ توليه الرئاسة في يناير 2017، فالعلاقة بين الحزب الجمهوري والصناعة النفطية وطيدة وذات أبعاد اقتصادية حيث أن أغلب الولايات المنتجة للنفط هي ولايات ذات أغلبية مؤيدة للحزب الجمهوري مثل تكساس كما أن العديد ممن تولى مناصب سياسية رفيعة في الدولة كعائلة بوش (التي خرج منها رئيسان للولايات المتحدة) وديك تشيني (نائب الرئيس السابق جورج بوش) هم من أقطاب الصناعة النفطية.

يستغرب البعض من المحللين جرأة وسرعة اتخاذ القرارات الرئاسية المتعلقة بالصناعة النفطية ولكنهم يتناسون حجم الكارثة التي حلت بالاقتصاد المحلي والقطاع النفطي عقب انهيار أسعار النفط في أواخر 2015، فما يربو على 80 شركة نفطية أمريكية (خصوصًا العاملة في النفط الصخري) أعلنت إفلاسها في العامين الماضيين وتم تسريح ما لا يقل عن 99 ألف موظف في القطاع النفطي في ولاية تكساس لوحدها والعديد من الشركات النفطية الكبرى أعلنت عن أرباح ربعية سلبية لم تشهدها منذ التسعينات. 

كل ما سبق دفع بالعديد من أقطاب الصناعة النفطية بمطالبة الإدارة الأمريكية بتحرير أسواق النفط الأمريكية من كافة القوانين والإجراءات التي فرضتها الإدارة السابقة. ففي خطاب مفتوح نُشِر في 19 ديسمبر 2016، ناشد جون واتسون، رئيس شركة شيفرون، الرئيس دونالد ترامب قبل توليه السلطة بتعزيز التنافسية عبر تحرير "القيود" المفروضة على الاستثمارات النفطية والسماح لقوى السوق الحرة بالعمل لإعادة التوازن.

وهذا ما يجري حاليًا، ففي غضون 5 أشهر منذ توليه الرئاسة، اتخذ الرئيس دونالد ترامب العديد من القرارات ذات الصلة بالصناعة النفطية، أهمها ما يلي (حسب التسلسل الزمني):

1.تعيين ركس تيليرسون، رئيس شركة اكسون موبيل، وزيرًا للخارجية الأمريكية ابتداء من 1 فبراير 2017، ويُعرف عنه عدم رضاه عن "القيود" والقوانين المعمول بها حاليًا خصوصًا تلك التي تخص صناعة الطاقة والنفط. 

2.ترشيح ريك بيري، الحاكم السابق لولاية تكساس وأحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل لدى الرأي العام، وزيرًا للطاقة وتوليه المنصب في 2 مارس 2017. بعد توليه الحقيبة الوزارية، أمر بإجراء دراسة لتقييم الشبكة الكهربائية الأمريكية والتركيز على توليد الكهرباء من الوقود الأحفوري.

3.الموافقة على مشروع توسعة خط أنبوب كي ستون (Keystone XL Pipeline) في مارس 2017 والذي سيساهم بمد المصافي الأمريكية بـ 830 ألف برميل يوميًا من النفط الكندي، علمًا بأن هذا المشروع تم إيقافه في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.

4.العزم على بيع نصف المخزون النفطي الاستراتيجي (Strategic Petroleum Reserve) أي ما يعادل الـ 343.85 مليون برميل والذي سيؤدي إلى خفض العجز بما يعادل الـ 16.6 بليون دولار خلال العقد المقبل.  هذا القرار يلقى معارضة داخلية تتعلق بأسباب أمنية وقومية حيث أن المخزون تم إنشاؤه بعد حرب أكتوبر 1973 وتم اللجوء إليه 3 مرات تاريخيًا لتعويض نقص إمدادات الأسواق النفطية.

5.اعلان انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية باريس للمناخ في 1 يونيو 2017 وبه تمتنع أمريكا عن رفع الدعم أو فرض ضرائب مستقبلية على انبعاثات الغاز على منتجي النفط أو على المستهلكين أو أي التزامات مالية أخرى.

هذه الحزمة من القرارات وغيرها تنطوي على العديد من الرسائل للمواطن الأمريكي وللشركات النفطية ولمنظمة أوبك. في الجزء الثاني من هذا المقال، سأتحدث عن تداعيات هذه القرارات على هذه الجهات وخصوصًا على الاقتصاد السعودي والصناعة النفطية المحلية.

خاص_الفابيتا