الصناعة اليوم ... حسناء ترفض التعدد!

29/05/2017 2
د. فيصل الفايق

تعد الاتفاقيات الموقعة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية والتي وصلت الى 280 مليار دولار، أحد أهداف واستراتيجيات رؤية 2030 والتي سوف تساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتوفير كثير من فرص العمل. وقبل هذه الاتفاقيات، جاء حوار سمو ولي ولي العهد بعد عام من انطلاق "رؤية 2030" وكان كما هو متوقعا محل اهتمام الجميع، وقد استطاع بأسلوبه السهل الممتنع أن يجعل من الحوار محط أعجاب المشككين والمعارضين للرؤية قبل المؤيدين لها، وقد أكد هذا الطرح الرائع وعزز كون الصناعة احد أهم  مصادر الإيرادات غير النفطية، كما اتضح بجلاء كيف تضاعفت الصناعة، من خلال ما طبق من أهداف واستراتيجيات هذه الرؤية خلال هذه الفترة القصيرة.

وبذلك نستطيع الجزم اليوم أننا تجاوزنا مرحلة الخوف من الإقبال على التغييرات بعد الدرس العملي الذي نفذه ملك العزم سلمان الحزم، حيث قام مباشرة بتغيير ما تقرر في وقت راهن فيه الكثيرون باستحالة التغيير في هذا الأمد القصير. فنحن اليوم نحظى بملك قريب من حاجة المواطن متابع بالتقييم لكل ما يمكن أن يؤثر على مستقبل البلاد وأهلها، فحين أدرك حفظه الله بعد التقييم المباشر أن مصلحة المواطن -والتي هي أهم أهداف الدولة- في التغيير أصدر أوامره الكريمة بالتغير المناسب وفي وقت قياسي، أوامر رسمت البسمة على كل الشفاه، وأنطقت بالشكر والعرفان عند إرجاع البدلات والمكافآت بعد أقل من سبعة أشهر من إيقافها.

فمنذ بزوغ  فجر رؤية 2030 قبل أكثر من عام، أعيدت هيكلة بعض الوزارات والهيئات الحكومية، لكي تتناسب مع أهداف واستراتيجيات الرؤية والتحول الوطني، ولعل الوقت قد حان لإعادة هيكلة وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، والتي ترتكز جميع الشركات الحكومية المنتجة والتي هي محور اساسي لدخل المملكة ومستقبل اجياله تجتمع في وزارة واحده فقط، تحتوي على اكبر شركة مصدرة للنفط بالعالم واكبر شركة كهرباء في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وشركات تستحوذ على ثاني اكبر احتياطي في الفوسفات بالعالم و 35 مدينة صناعية مكتملة الخدمات، والصناعات البتروكيماوية والبترولية ... وغيرها.

وتأتي صعوبة إدارة كل تلك الشركات في ان واحد هو ان جميعها يخضع لإعادة هيكلة وتغيرات جذرية للتوافق مع اهداف رؤية المملكة 2030 والتحول الوطني 2020، لأن هذا سيكون من أهم الخطى نحو خلق وعاء وحاضنة متخصصة ومحترفة لاستيعاب مخرجات التعليم الطموحة والتي وضعها برنامج التحول الوطني هدفاً، حيث من المقرر أن يتم ترقية عدد الطلاب في التدريب التقني والمهني من 104,432 إلى 950,000 بحلول عام 2020، ومما لاشك فيه أن في إفراد الصناعة في وزارة خاصة توجه وبثقل عظيم نحو تحول المملكة من دولة تعتمد على نوع واحد من الصناعة كمورد إلى دولة صناعية متعددة الموارد.

إعادة الهيكلة، سيخفف على وزير الطاقة الحالي الضغط الرهيب المتمثل في تحمله إدارة ثلاثة قطاعات عريضة لكل منها قائمة لا تنتهي من الاحتياجات والالتزامات والوقت، (الطاقة والصناعة والثروة المعدنية)، الصناعة نراها اليوم في تزاحم المسؤوليات على وزير الطاقة مضافا إليها ما أسند الى معاليه من مسؤوليات متعددة حيث يرأس مجالس إدارات المؤسسات والهيئات التالية:

*أرامكو السعودية.

*شركة التعدين العربية السعودية (معادن).

*الهيئة الملكية للجبيل وينبع (سابك).

*الصندوق السعودي للتنمية الصناعية.

*هيئة تنمية الصادرات السعودية.

*هيئة المساحة الجيولوجية السعودية.

*مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.

*مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة.

*الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن).

*مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة واختيار المقاولين وترسية العقود.

*مجلس الأمناء في مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك).

لذلك جاءت الأوامر الملكية الأخيرة من الملك سلمان حفظه الله والتي تشمل تعيين صاحب السمو الملكي الامير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز وزير دولة لشؤون الطاقة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الدولة السعودية يؤكد حرص القياده على ضبط دفة هذه القطاعات للتقدم والتوسع الصناعي والاستثماري لما يصب في مصلحة الوطن والمواطن.

كما أن إفراد كل من هذه القطاعات في وزارة مستقلة سيضمن استقرار الصناعة، وان قصدا ركزت على الصناعة دون غيرها من القطاعات الأخرى، إذ أصبح من غير المقبول بعد وضع كل الاستراتيجيات لتحول المملكة لدولة صناعية، أن تبقى أهم ملامح ودلائل التوجه الجديد، وهو الصناعة على وضعها السابق، كما اليتيم على مأدبة الطعام، عبارة عن مبادرات مكرره وبأسماء مختلفه لا يوجد معاير واضحه وحقيقية لقياس نجاحها.

في العقود الماضية وفي فترات مختلفة، فصلت عدة وزارات الصناعة عنها لتحل ضيفا على الاخرى، فمن التجارة، ثم مع الكهرباء واخيرا الى الطاقة حيث أضيفت الصناعة إلى أكبر وزارة تخمة بترادف المسؤوليات. الصناعة اليوم من ضروريات المرحلة التي نحتاج أن نرتقي بها عبر تهيئة مساحة واسعة من الاهتمام والنفوذ المناسب مع الاستقلالية التامة، واختيار أفضل الطواقم الإدارية والفنية، لنجعل منها رافعة حقيقية للاقتصاد الوطني.

وللحديث بقية بمشيئة الله ...

خاص_الفابيتا