"توصيات نظامية مُتعلقة بإلغاء إدراج أسهم الشركات الخاسرة"

21/05/2017 1
عاصم العيسى

أصدرت هيئة السوق المالية خلال الشهر الماضي ثلاثة إعلانات تتعلق بإلغاء إدراج أسهم شركات: المعجل، وسند، وبيشة؛ باعتبار أنها شركات خاسرة تجاوزت خسائرها (50%) من رأس مال الشركة.

ورتب ذلك:

-ضياع المساهمين وتخبطهم، حيث لا وضوح لديهم عن مآل الشركة، ومآل مساهماتهم، وما هي حقوقهم كمساهمين؟ وهل أموالهم تبخرت؟!. 

-بعض هذه الشركات، استقالت مجالس إداراتها، بل بعضها بلا مدير لها، وبالتالي من يُقرر بشأن هذه الشركات في هذه المرحلة العصيبة؟ وهل يجوز أن نسمح لشركاتنا المساهمة أن تكون بلا إدارة ولا رقابة؟. 

-هل يعني إلغاء إدراج السهم، إلغاء إشراف هيئة السوق المالية على الشركة المساهمة؟ وهل يجوز للهيئة التخلي عن مسؤوليتها المقررة على الشركة المساهمة متى ما خسرت؟ وأين دور الهيئة في حماية السوق والمساهمين؟!. 

ولي على ذلك التعليقات التالية:

1-أن مسؤولية هيئة السوق كجهة إشرافية في تنظيم السوق أصيلة، وأعني بذلك أن هذه المسؤولية يجب أن تغطي جميع مراحل الشركات المساهمة، من الإدراج والإفصاح والرقابة والحوكمة ...، إلى معالجة مرحلة الخسائر، إلى تنظيم خروج الشركة، حمايةً للمساهمين ورعاية لجميع مصالحهم، وبالتالي لا يُتصور أن تتخلى الهيئة عن الشركات الخاسرة، كمرحلة مهمة في الشركات المساهمة، وتترك المساهمين للضياع، وهي من تدعو إلى الاستثمار في هذا السوق. 

2-إن إلغاء إدراج الشركة الخاسرة، في الواقع والنظام يختلف تماماً عن إلغاء الشركة وتصفيتها وشطبها، فالأمران مختلفان، ولذلك نجد بعض هذه الشركات الخاسرة، ما زال لديه أعمال وموظفين، وأجزم أن بعضها لازال هناك فرصة لها لتصحيح وضعها، إما بخفض رأس مالها أو بالاستحواذ أو بالاندماج، ونحو ذلك، وبالتالي لا يجوز ولا يُتصور وليس مقبولاً أن نفهم أن قرار الهيئة بإلغاء الإدراج معناه التخلي عن هذه الشركات، وهي جزء أصيل من اقتصادنا، وحقوق المساهمين متعلقة فيها.

3-إن لدى الهيئة لائحة "الإجراءات والتعليمات الخاصة بالشركات التي بلغت خسائرها 50% فأكثر"، وقد رتبت العديد من الالتزامات على مجالس إدارة الشركات الخاسرة من ذلك إيجاد خطط المعالجة، ‏وهو ما أرى أن الهيئة قصرت في تنفيذه ومحاسبة مجالس الإدارة المُقصرين بشأنه.         

وتبع ذلك السماح بالتداول خارج المنصة، وهو إجراء جيد يُتيح التداول والتخارج على مسؤولية البائع والمشتري بدلاً من إلغاء كل التداول.

4-إن المادة (150) من نظام الشركات التي نظمت حالة بلوغ خسارة الشركة لأكثر من (50%)، أوجبت على مجلس الإدارة دعوة الجمعية العامة غير العادية للاجتماع واتخاذ القرار المناسب بحق الشركة من تخفيض رأس المال أو حل الشركة وغير ذلك، وبالتالي واجب الهيئة الشد على أيدي أعضاء المجالس لاتخاذ اللازم لا الهروب !!.

5-إن المادة (68) من نظام الشركات، أوجبت على أعضاء مجلس الإدارة في حال رغبتهم بالاعتزال أن يكون ذلك بوقتٍ مناسب، وإلا كانوا مسؤولين قِبَل الشركة والمساهمين عما يترتب على الاعتزال من أضرار. وبالتالي على الهيئة التأمل واتخاذ القرار المناسب بشأن قبول أو عدم قبول الاستقالات الجماعية، وبخاصة أنها أصبحت موضة! بحيث لا يجوز أن ‏تُترك الشركة فارغة بلا إدارة وبلا مسؤولية، وعلى الأقل أن يكون قرار مجلس الإدارة في حال رغبته الاستقالة، الدعوة إلى انعقاد جمعية عادية لانتخاب مجلس جديد ويدعو للترشح له. وبهذا نضمن عدم وجود فراغ لدى الشركة، وهو ما يُلحق حالياً أكبر الضرر بالشركات التي بلا مجالس إدارة، حيث تُركت للضياع، والمال السائب يُعلم السرقة! ولا يقبل المساهمون بهذا.

6-إن المادة (69) من نظام الشركات أوجبت على الهيئة - في حال خلو الشركة من مجلس إدارة - أن تُشكل لجنة مؤقتة من ذوي الخبرة والاختصاص، لتتولى الإشراف على إدارة الشركة، ودعوة الجمعية العامة لانتخاب مجلس إدارة جديد.

وقد شكلت الهيئة لشركة المعجل: لجنتين مؤقتتين لإدارة المرحلة، ولكن مع الأسف كان دورهم فقط هو الدعوة لانعقاد الجمعية لاختيار مجلس إدارة جديد، وهو قصور شديد أوجد إشكالية، حيث المطلوب أن تُشكل الهيئة لجنة تُدير لها كافة الصلاحيات لاتخاذ القرارات المناسبة، ‏ومن ذلك التصفية إذا لزم الأمر، بحسب المادة المذكورة.

كل ما سبق يدعوني لأقرر أن حق المساهمين على الجميع كبير، حقهم في الحماية واجب، وإمكانية ذلك ممكنة، بتضافر الجهود بين المساهمين (وسنُفرد مقالاً مستقلاً لما يُمكن للمساهمين اتخاذه لحماية حقوقهم)، ومجالس الإدارة (بما عليهم من التزامات)، وهيئة السوق المالية (‏بما تملك من صلاحيات، وما هو مُترتب عليها من التزامات نظامية)، لتحقيق حماية حقيقية لسوق أسهم يُساهم فيه الجميع وهو مطمئن.

خاص_الفابيتا