الإفلاس وتطبيقاته

19/04/2017 1
ثامر السعيد

تسببت الأزمة المالية العالمية والتي ظهرت آثارها جليا انطلاقا من العام 2008 في زيادة المتابعة للأحداث المالية والاقتصادية الدولية حتى أن درجة الوعي المالي وثقافة المصطلحات المالية أجزم بأنه تصاعد منذ تلك الأزمة أو حتى منذ انهيار السوق المالي السعودي 2006 ولكن الفرق أن الأزمة المالية أدخلت إلى معرفة المتلقي نماذج عالمية من الأحداث والمتغيرات المترابطة فالأزمة اندلعت من أنظمة الرهن العقاري والمنتجات المصاحبة لها وأصبحت أكثر شهرة بعد أن أعلن بنك «ليمان براذر» عن تقدمه بطلب الحماية ضد الدائنين (الفصل Chapter 11 ) والذي أصبح لاحقا مصطلحاً ذائع الصيت خصوصا بعد أن تجاوز عدد البنوك المفلسة 110 بنوك وشركات كبرى مثل جنرال موتورز GM. كان للأزمة أثر في تزايد حجم المعرفة في المصطلحات المالية القانونية أكثر من أي شيء آخر.

كان للقاء معالي وزير التجارة والاستثمار ومعالي وزير المالية في الغرفة التجارية في المنطقة الشرقية صدى لدى جمهور المهتمين في المملكة خصوصا حديث معالي وزير المالية عن وجوب قبول الإفلاس كحالة تمر فيها الشركات والمؤسسات ورجال الأعمال وفقا للظروف الاقتصادية وكفاءة إدارة الأعمال والقدرة على تحمل الضغط الاقتصادي، وأن فصل الإفلاس يعد أحد المطالب التي يستفسر عنها المستثمرون الأجانب كبداية نيتهم الدخول إلى السوق السعودية والبحث عن الفرص فيها. وعند الحديث عن الإفلاس لا بد وأن يلفت الإفلاس الأنظار إليه كونه أحد أكبر مخاطر الأعمال والاستثمار، ويبدو أن معالي الوزير الجدعان قد أثاره من حيث المعرفة كونه محامياً وهذا إجراء قانوني صرف وإن كان الإفلاس كنظام منوط بوزارة التجارة والاستثمار.

لغير المختصين والممارسين ولبعض الممارسين خصوصا في دول لم تطبق نظام الإفلاس مثلنا في المملكة الإفلاس يعني الهاوية وهذا حقيقي عند تحول رجل أعمال من صاحب ثروة ومال إلى شخص منهار ماليا غير قادر على تلبية احتياجاته الاعتيادية أو كما يقال (رجع للصفر) وهذا أثر الإفلاس على الفرد بصفته الشخصية، لكن في منظور الشركات والأعمال الإفلاس شيء مختلف له قوانينه ومحاكمه في البداية يجب أن نقول أن إفلاس شركة لا يعني إفلاس ملاكها فهي شخصية اعتبارية لها وعليها التزامات تجاه القانون والغير ولا شيء أوضح كمثال من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب فعديد من شركاته تعرضت للإفلاس وآخر ترامب للترفيه Trump entertainments وهذه كانت معنية بصفات الشركات الاعتبارية وإلا لم يكن لترامب القدرة على الوصول إلى الرئاسة، على الجانب الآخر كثير منا شاهد أزمة موظفي شركة سعودي أوجيه وتأخر صرف الرواتب لما يزيد عن 7 أشهر عبر حلقة برنامج الثامنة ورغم وجود أصول ومعدات وأرصدة لم يتمكن النظام من حل معضلة موظفي أوجيه حتى جاء الأمر السامي بالنظر في حال الشركة وموظفيها. وكذلك مع تعمق أثر الأزمة المالية العالمية كان لبعض رجال الأعمال نصيب من التأثر بتلك الأزمة وكان الطريق الوحيد لتفادي تأثر البنوك والأعمال التجارية فيها هو اللجوء محليا إلى المفاهمة وبناء خطة عمل تحمي بيئة الأعمال واسترداد الحقوق وهذا ما حصل فعلا.

تعثر الشركات وعدم قدرتها على الالتزام بما لها وما عليها دون وجود نظام واضح للإفلاس يجعل حل هذه المعضلات صعب ومعقد لدرجة تصل إلى التجميد، لكن بوجود قانون الإفلاس فإن النظام يعطي الحق قانونيا للقضاء بالنظر في حال الشركة أو الكيان المتعثر بما يتناسب مع حالته سواء في تصفية الأصول بما ينسجم مع حجم التعثر وأيضا بما يعالج حال الشركة وبتكلفة أكثر فاعلية وأيضا فإن الحق في الإشراف على أعمال الشركة تسيير أعمالها ممكن وقائم وهذا كله سيعود إلى صاحب القرار القاضي ولجنة الإفلاس أو الوصاية، كما أن نظام الإفلاس يعطي الحق قانونيا للمحكمة والقاضي بالنظر في المسببات وراء الإفلاس والتعثر وله في نهاية الأمر الحكم في السبب والمتسبب إن كان تقصيرا أو تضييع أمانة وبناء عليه يصدر القاضي حكمه.

كانت وزارة التجارة والاستثمار في شهر أكتوبر من العام الماضي 2016 قد طرحت مشروعها لنظام الإفلاس تستقصي فيه رأي العموم والمهتمين بالإمكان الإطلاق علية من خلال موقع الوزارة وهو أحد مبادراتها لبرنامج التحول الوطني 2020.

نقلا عن الجزيرة