ماذا يعني مشروع القدية؟

12/04/2017 10
مازن السديري

في وقت تصدر فيه المؤشرات الاقتصادية السعودية بشكل غير صحي من ارتفاع العاطلين إلى 12.3% وانخفاض معدلات نمو النمو عرض النقد M3 إلى 0.1% في الشهور الأخيرة، حيث إن هذه الأرقام لا تعكس الهدف والطموح لتحقيق نمو يتجاوز 8% للأنشطة غير النفطية، ووسط هذه الأحداث أعلنت وكالات الأنباء عن مشروع جديد وهو مشروع القدية الضخم، وقد يتساءل البعض أين هي الأهمية؟

بالطبع الأهمية لا تعود للمشروع نفسه بقدر ما يحمل من إشارات جوهرية وهي رغبة الدولة في توجه صندوق الاستثمارات العامة للاستثمار أكثر محلياً حيث كانت تشير بعض التقارير بغير ذلك، والصندوق يدير حسب التقديرات 183 مليار دولار حالياً، وطرح أرامكو سوف يعزز حجم أصوله مستقبلاً، الإشارة الثانية هي رغبة الدولة أيضاً في تعزيز الأنشطة الاستثمارية والاستهلاكية أكثر عبر جذب القطاع الخاص والاستثمارات الدولية غير البترولية، وكذلك إعادة هيكلة العادات الاستهلاكية.

مؤخراً شهدت الرياض وجدة تغيرات كثيرة وبالتدرج، حيث سمح بقيام أنشطة ترفيهية أكثر من أمسيات شعرية وحفلات مسرحية وغنائية، كان الهدف من ذلك تعزيز مفهوم جديد وهو الترفيه، هذا المفهوم الذي يتم تعزيزه ليس مرتبطاً فقط بأهداف ثقافية، بل اقتصادية أيضاً لخلق بيئة استهلاك أكبر من الحالية في مجال الترفيه، وربط هذه المتغيرات الأخيرة بأهداف اقتصادية يجعلها أكثر ثباتاً واستقراراً.

مع التغيرات الهيكلية لمؤسسات الدولة التي كانت محل اهتمام واستحسان الكثيرين لكنها لم تكن منعكسة بشكل مادي ومحسوس على الأنشطة الاقتصادية، وكان الجميع يرى أن على صندوق الاستثمارات أن يزيد مشاركته بشكل أكثر، لذلك كان المشروع مؤشراً إيجابياً لاتخاذ قرارات لها انعكاسات مادية على اقتصادنا.

دخول الاستثمارات الأجنبية مرتبط بعدة أبعاد كي تعزز الثقة للمستثمر؛ وهي الاستقرار الأمني، ووضوح القوانين وسلامتها، وتوفر الفرص الاستثمارية سواء كأسواق أو موارد إنتاج وقاعدة تمويلية، وجميعها متوفرة بالمملكة، لكن تتعزز الثقة بوجود مستقبل شريك محلياً، وكلما ارتفعت الاستثمارات الأجنبية غير البترولية كلما بدأ يتضح نضوج الأهداف والخطط.

أتمنى في الشهور القادمة أن نسمع عدداً أكثر من الاستثمارات الداخلية لصندوق الاستثمارات ليكون الرافد الجديد للتنمية، بالإضافة للإنفاق الحكومي، وأن تشهد المشاريع الحديثة تنوعاً يساعد على خلق فرص أكثر حتى يتوقف نمو عدد العاطلين وينمو القطاع غير النفطي تدريجياً حتى يصل للنسب الطموحة التي نتمناها..

نقلا عن الرياض