الضحكات السريه

27/03/2017 0
محمد مهدى عبدالنبي

" اعط الاخرين اعترافا مزورا يعطونك اعترافا حقيقيا " ... قد تكون تلك العباره افضل ترجمه لحركة روسيا بوتين اليوم التى تستعيد مع الوقت خيوط السياسه المتينه وترمم رغم الضعف خيوطها الاقتصاديه المتهالكه.

وربما علامات التعجب الثلاث التاليه توضح اكثر تفاعلات المشهد الروسى الحالى،  فالاتهامات الامريكيه بتدخل روسيا فى الانتخابات التى اتت بترامب رئيسا  قابلها الكرملين بنفى غير قاطع وزاد عليها بوتين باستقبال مرشحة اليمين الفرنسيه مارى لوبان ليعطى العالم اعترافا مزورا بعدم تدخله فى الانتخابات الامريكيه الماضيه والفرنسيه المقبله فى ابريل 2017 !

 وكذلك التوتر الكبير مع تركيا منذ سقوط المقاتله الروسيه فى 2015 مرورا بالانقلاب الفاشل على اردوغان فى 2016 وصولا الى مقتل السفير الروسى لدى انقره ... كلها احداث قابلها بوتين فى النهايه بتعزيز علاقاته  الاقتصاديه والسياسيه مع الرئيس التركى رجب طيب اردوغان الذى يسعى لتحول تركيا للنظام الرئاسى بأستفتاء دستورى فى 16 ابريل 2017 ! 

بالاضافه لعلاقات روسيا القويه بأيران التى تشهد انتخابات رئاسيه فى 19 من مايو المقبل قد تأتى مجددا بالرئيس الحالى حسن روحانى وذلك قبل اقل من اسبوع من اجتماع فيينا 25 مايو  لبحث تمديد اتفاق خفض انتاج النفط الذى لم تلتزم به روسيا الا بنحو 44 % فقط رغم ثقلها فى سوق النفط العالمى، وخالفته ايران ايضا بأستعادة حصتها السوقيه ما قبل العقوبات رغم مشاركتها فى اتفاق خفض الانتاج ... فكم من الاعترافات الروسيه والايرانيه المزوره بضروره توازن سوق النفط لتأتى بعدها افعالهما باعترافات حقيقيه بالسير فى اتجاه معاكس !

عزيزى القارىء لك ان تلتقط انفاسك قليلا ثم تعاود ربط المشاهد الثلاثه السابقه بالمساحه الروسيه المتزايده منذ حلول غبار ترامب مرشحا ورئيسا من خلال النقاط التاليه  :- 

1 - شبهة اختراق الانتخابات الامريكيه منحت روسيا معنويات سياسيه مرتفعه تزيد من ثقة حلفاء بوتين وتربك حسابات خصومه الاوروبيين وهو بالاصل هدف اقتصادى طويل المدى يتحقق بتغيير النظام المالى العالمى الذى تقوده الولايات المتحده ويزعج الصين كثيرا ... هذا الهدف يتفق عليه ترامب وبوتين معا من حيث العنوان العريض فقط ... والدليل على ذلك يتضح فى الافعال الاستباقيه من الفيدرالى والكونجرس وغيرهما ضد رؤية ترامب الاقتصاديه.

2 - نمو نظم الحكم الشعبويه فى اوروبا بعد الولايات المتحده يتسق تماما مع الطريقه السياسيه والاقتصاديه التى تنتهجها روسيا اليوم ، فدعم مارى لوبان فى فرنسا يمنح بوتين المقعد الثانى فى نفوذه فى العالم الغربى وايضا دعم تركيا بشكلها الرسمى الرئاسى يزيد من مرونتها الاقتصاديه على حساب اوروبا ويخفف من التزاماتها تجاه حلف الناتو المعادى لروسيا، وكلا الامرين يزيدان من ضعف الاتحاد الاوروبى سياسيا واقتصاديا وهو ما يصب فى مصلحة الدب الروسى ... وفى تلك النقطه يتفق تماما بوتين مع ترامب الذى يؤيد المزيد من الانفصالات فى الاتحاد الاوروبى ولا يرى فائده حقيقيه من حلف الناتو ... الرجلان اتفقا على الاهداف واختلفا فى التفاصيل.

3 - تلاعب روسيا بملف النفط يعجب ادارة ترامب كثيرا ويحقق لها توازنات اقتصاديه هامه ، فروسيا ومن خلفها ايران يشاركان فى كل قرار يخص النفط دون ان يكون لهما اثر ايجابى فعال وملموس فى خفض الانتاج ومن ثم يستفيدا بأرتداد الاسعار اقتصاديا وسياسيا من خلال الترويج للحصول على اسواقا جديده محل الحصص المخفضه من الدول الملتزمه بالاتفاق الاخير ... وربما تحرق روسيا ورقة ايران فى نهاية المطاف ارضاءا للرغبات الامريكيه.

واخيرا ... يبدو ان وضع روسيا اليوم اكثر سيطره مما مضى على اغلب التحديات التى يواجهها بوتين بوجه جامد وضحكات سريه حتى تؤتى بثمارها المرجوه .

خاص_الفابيتا