الاقتصاد السعودي: بين معدل الفائدة والدولار

27/03/2017 1
عبد الرحمن بسيوني

تتبع السياسة النقدية للإقتصاد السعودي السياسة النقدية للبنك الإحتياطي الفيدرالي بشكل إفتراضي (by default). فعندما رفع البنك الفيدرالي معدل الفائدة الإسبوع الماضي إلى 1%، تبعه فوراً قرار مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) برفع الفائدة إلى 1% أيضاً. ولن يتوقف رفع  معدل الفائدة عند هذا الحد، بل من المفترض أن يتبع هذا القرار، قرارين في هذا العام في كلاٍ من شهر جون وديسمبر، وثلاث قرارات من عام 2018. حيث إن معدل الفائدة المستهدف الوصول إليه من قبل البنك الفيدرالي هو 3% مع نهاية 2018، مما سوف يؤثر على إرتفاع جميع معدلات الفائدة بإلإقتصاد السعودي بشكل عام، وعلى المواطن بشكل خاص.

الفائدة أو ما يطلق عليه لدى البنوك الإسلامية هامش الربح، هي تكلفة المال المقترض أو التمويل الإسلامي. فرفع الفائدة يزيد من تكلفة المال المقترض أو تكلفة التمويل. ويتم إتخاذ قرار رفعها لتقليص كمية عرض النقود في الإقتصاد، وللحد من إرتفاع معدل التضخم، لذلك إتخذ البنك الفيدرالي قراره برفع الفائدة في الإقتصاد الأمريكي، الذي يعيش حالياً حالة من الإزدهار يتوقع لها أن تمتد للسنوات القادمة. بعكس الإقتصاد السعودي الذي يعيش حالة من الركود نتيجة إنخفاط أسعار النفط والعمل على إعادة الهيكلة الإقتصادية التي نستشعرها حالياً.

ولكي يحافظ الإقتصاد السعودي على سعر صرف ثابت للريال مقابل الدولار عند 3.75، وعلى أسعار الصادرات التي 98% منها مسعرة بالدولار وتؤثر بشكل مباشر في ميزانه التجاري، وعلى إحتياطياته المالية الخارجية ألتي يستثمرها في السندات الأمريكية، كل هذة العوامل، فرضت على الإقتصاد السعودي إرتباط سياسته النقدية بعلاقة طردية تبعاً لمعدل الفائدة للبنك الفيدرالي وعملته الدولار. 

فبما أن سعر (معدل) الفائدة هي تكلفة المال المقترض من البنوك، فإن المال هو السلعة الرئيسية لدى هذة البنوك، سواء كانت تقليدية أو بنوكاً إسلامية، فسعر الفائدة أو هامش الربح هو الربح الذي تجنيه البنوك من بيع هذة السلعة، عن طريق أصدار بطاقات الإئتمان، أو عن طريق القروض قصيرة أو طويلة الأجل، لذلك تزيد أرباحها مع إرتفاع معدلات الفائدة في الإقتصاد، وهذا ما يفسر إرتفاع مؤشر السوق السعودي في الأيام القليلة الماضية بدعم من إرتفاع مؤشر القطاع المالي، نتيجة لإرتفاع معدلات الفائدة وبالتالي إرتفاع الأرباح المتوقعة للبنوك والمصارف والمؤسسات المالية في الفترة القادمة. فجميع معدلات الفائدة بالسوق السعودي سوف ترتفع، سواء كانت الشخصية للإفراد، أو الإستثمارية للشركات والقطاع الحكومي. فجميع بطاقات الإئتمان مثل الفيزا، والقروض الإستهلاكية كشراء سيارة ، أو القروض التمويلية مثل شراء منزل أو تمويل شراء عقار، سوف تزيد من معدلات فوائدها خاصة للعملاء الجدد، وسوف تزيد أكثر في السنوات القادمة نتيجة للرفع التدريجي لمعدل الفائدة.

وبإختصار ما أريد أن أقوله، أن رفع الفائدة يزيد من الإدخار ويضعف الإستهلاك والإستثمار لدى الأفراد والشركات، ويؤثر سلبياً على كمية عرض النقود بتقليص السيولة داخل السوق. لكن ما يجب التنبيه له وخاصة للأفراد، هو الحذر من الإسراف في إستخدام بطاقات الإئتمان فيزا وماستر كارد وجعلها فقط في أوقات الضرورة، نتيجية لإرتفاع فوائدها تدريجياً في الفترة القادمة، أما بالنسبة للقروض طويلة الأجل كتمويل لشراء منزل، فيجب أن تكون الفائدة أو هامش الربح بمعدل ثابت وليس بمعدل فائدة متغيرة، تفادياً لزيادة الفوائد أو هوامش الربح على العميل، وتجنب المخاطر المالية والتي يمكن أن تؤثر على إلتزاماته أو عدم قدرته على سداد القرض أو التمويل الإسلامي في الأمد المتوسط والطويل.      

خاص_الفابيتا