شركة البترول البريطانية معروضــة للبـيـع (1 - 2)

27/03/2017 0
د. أنور أبو العلا

تربطني بشركة البترول البريطانية (BP) علاقة عاطفية جيّاشة قديمة من طرف واحد. فلقد كانت في منتصف الثمانينات واحدة من أهم المراجع في الجزء التطبيقي (وليس النظرية) من رسالتي للدكتوراه، حيث كنت أرجع إليها للحصول منها على أسعار ومعدلات إنتاج البترول في العالم.

الخبر المزعج الذي أثار شجوني الآن وكأني أفقد جزءا ثمينا من ذكرياتي العاطفية أن الشركة العملاقة أشهر الشقيقات السبعة (وأكثرهن برستيجا) سيتم بيعها في المزاد العلني.

بتاريخ 10 مارس 2017 (قبل أسبوعين) نشرت Oil Price خبرا يقول بأن شركة البترول الأمريكية العملاقة إكسون تحاول أن تشتري الشركة البريطانية. وبمتابعتي للموضوع وجدت أن الشركة البريطانية العملاقة بدأت تعاني أشد الأمرين منذ حادثة تسرب بترولها في خليج المكسيك (الأمريكي طبعا) عام 2010، فطاردتها لعنة العقوبات الأمريكية والتعويضات الهائلة التي تجاوزت 42.2 مليار دولار.

وهكذا أصبحت الشركة الطّود الشّامخ منذ ذلك الحين -بسبب غلطتها- المطمع لشركات البترول، ليس فقط اكسون بل سبقتها شركات أخرى منها شيفرون، ورويال دتش رغم معارضة الحكومة البريطانية.

سأترك -لزاوية الأسبوع القادم- مناقشة هذا الموضوع الخطير الذي يعكس بوضوح مدى عجز شركات البترول العملاقة في اكتشاف حقول جديدة مما يُهدّد بقائها. وبالتالي سيتسبب في وجود عجز في المستقبل القريب في عرض كميات كافية لإشباع حاجة الانسان للبترول.

أما زاوية اليوم سأخصصها لعرض تجربتي الشخصية في تجميع المعلومات من مصادرها الأصلية متنقلا بسيارتي وحيدا بين مكتبات جامعات شمال شرق أمريكا وجنوب شرق كندا.

كان من السهل الحصول على المصادر الأكاديمية فهي جميعها توجد في مكتبة الجامعة، وحتى في النادر عندما لا تكون موجودة يمكن ان تطلب من الجامعة ان تستعيرها من أماكن وجودها. لكن بالنسبة للوثائق النادرة وبعض الدوريات المختصة بالشرق الأوسط مثل MEES فهي حتى ان وجدت فكانت في ميكروفيلم يصعب البحث فيها، وكنتُ أنا أُفضّل (بل أجد متعة) ان أسافر بنفسي الى أماكن وجودها.

من أجمل وأمتع فترات حياتي هي فترة كتابة رسالتي للدكتوراه فلقد كنت أعشق موضوع الرسالة الذي كان حديث الساعة، وأهم موضوع يؤثر في اقتصاد العالم بأسره، ويقض منام رجل الشارع الأمريكي الذي كان يراقب تقلبات سعر لتر البنزين صباحا وهو ذاهب لعمله ومساء وهو يعود لبيته.

قد يسألني البعض وما هي الفائدة من سرد تجربتك الدراسية الخاصة وعواطفك الشخصية. الفائدة يا إخوتي هي أنها قد تفيد بعض الدارسين الآخرين. فأنا استفدت كثيرا من تنقلاتي بين مكتبات الجامعات والمدن والولايات المختلفة فتوسعت مداركي واكتسبت خبرة ومعرفة -إضافة الى المتعة التي لا توصف- انعكست في مستوى وثراء وغزارة وموثوقية رسالتي للدكتوراه.

نقلا عن الرياض