تقييم أرامكو: 400 مليار دولار؟

27/02/2017 15
عمر المنيع

أثار التقييم الذي نشرته وكالة بلومبرغ نقلا عن وود مكنزي الكثير من الجدل في الأوساط السعودية عن القيمة العادلة للشركة العملاقة أرامكو، حيث كانت تقديراتهم تشير إلى أن قيمة الشركة لا تتجاوز 400 مليار دولار في حين أن تقييم الحكومة السعودية للشركة كان قرابة الـ 2 تريليون دولار. بعيدًا عن المخاطر والفوائد التي ستنتج عن طرح الشركة، هذه المقالة مجرد محاولة لفهم التباين بين تقييم الحكومة السعودية وتقييم مكنزي.

من المعلوم أن الحكومة السعودية تستقطع من شركة أرامكو 20٪ من الإيرادات على شكل عقد امتياز، بالإضافة إلى ضريبة من صافي الدخل تبلغ 85٪ ولذلك فإن هذه الاستقطاعات تؤثر بشكل كبير على التدفق النقدي الحر للشركة مما يخفض من قيمة الشركة من وجهة نظر المستثمرين. علما بأن رئيس شركة أرامكو كان قد صرح بأن معدل الضريبة تحت المراجعة، ومن المرجح أن يتم تخفيضه قبل طرح الشركة للاكتتاب.

في هذه المقالة، ومن خلال استخدام نموذج خصم التدفقات النقدية الشائع استخدامه بين محللي الاستثمارالذي يعتبر من أنسب النماذج لتقييم الشركات النفطية، توصلت إلى أن القيمة العادلة للشركة (في أنشطة المنبع) بناء على النموذج تبلغ 384 مليار دولار عند معدل ضريبة ٨٥٪ في حين أن قيمة الشركة ترتفع إلى ما يزيد عن الـ 2.5 تريليون دولار عند تعديل معدل الضريبة إلى صفر.

إن التباين بين تقديرات الحكومة وتقديرات الجهات الأخرى قد يمكن تفسيره بشكل كبير عبر النظر إلى معدلات الضريبة بالإضافة إلى الإفتراضات الأخرى. فمن الممكن ان تصل القيمة إلى 2 تريليون دولار إذا كانت الحكومة تعتزم إلغاء ضريبة الدخل، وبالتالي يكون المكتتبين مشاركين في كامل الاحتياطيات بمقدار حصصهم طيلة عقد الامتياز. أما إذا كانت الحكومة تنوي الإبقاء على معدلات الضريبة الحالية، فإن تقديرات المحللين تبدو أكثر واقعية.

في بقية المقالة سأذكر المنهجية والطريقة التي اتبعتها في حساب القيمة العادلة، والتي تعتمد على كثير من الافتراضات في ظل شح المعلومات، حتى يتسنى للقارئ نقدها ومعرفة أثرها على التقييم النهائي. إذ أن تغيير أي افتراض، ينعكس بشكل كبير على نتيجة التقييم.

الافتراضات هي على النحو التالي:

1-تقوم أرامكو بتصدير ٨ مليون برميل يوميا، وذلك بحسب بيانات أوبك عن صادرات المملكة لشهر ديسمبر من العام الماضي.

2-تستهلك المملكة خمسة ملايين برميل، منها 3 ملايين برميل من النفط و2 مليون برميل مكافئ من الغاز، وذلك بحسب تصريحات لمعالي وزير الطاقة. وقد قمت بحساب الاستهلاك المحلي وذلك لأنه من المرجح أن تبيع أرامكو النفط والغاز على حكومة المملكة بالسعر العالمي بعد الطرح.

3-تكلفة انتاج برميل النفط الواحد ١٠ دولارات بناء على بعض تقديرات المختصين.

4-سعر البيع المستقبلي لبرميل النفط 80 دولار حسب تقدير وكالة الطاقة الدولية للأسعار في 2020. 

5-تكلفة انتاج الغاز هي ٦ دولارات لكل برميل مكافئ، تم قياس هذا الرقم على شركات الغاز المدرجة في الأسواق العالمية.

6-السعر العالمي لبيع الغاز هي ١٤ دولار لكل برميل مكافئ حسب تقديرات الخبراء.

7-يبلغ الريع ٢٠٪ من الإيرادات (أو استقطاع الحكومة من الشركة بناء على عقد الامتياز)، سنفترض بأن رسوم الإمتياز ستبقى كما هي.

8-بما أن الضريبة على صافي الدخل تحت المراجعة؛ قمت بعمل 4 نماذج مختلفة وفي كل نموذج تم استخدام معدل ضريبة مختلف وهي 85% و50% و25% و0%.

9-معدل الخصم في النموذج الأساسي هو 8.62% ، وهو مساوي لمعدل الخصم للشركات النفطية السبعة المدرجة حسب قائمة أسعار الخصم التابعة لجامعة نيويورك (تم استخدام تكلفة الملكية كمعدل خصم بدلا من المتوسط المرجّح لتكلفة رأس المال وذلك لأننا نجهل الهيكل المالي لشركة أرامكو فقمت بافتراض أنه لا يوجد قروض قائمة على الشركة). كما قمت باستخدام معدلات خصم مختلفة بين (5-10%) لتوضيح أثرها على التقييم. وتجدر الإشارة إلى أن شركة وود ماكنزي قد استخدمت 10% كمعدل خصم.

ولذلك، فمن المتوقع أن تبلغ مبيعات أرامكو السنوية قرابة الـ ٤ مليار برميل من النفط بالإضافة إلى ٧٣٠ مليون برميل من النفط المكافئ وبذلك تكون الإيرادات 331 مليار دولار. بعد خصم جميع مصاريف الشركة بالإضافة إلى رسوم الامتياز سيبلغ الدخل قبل الضريبة 221 مليار دولار. في حين أن صافي الدخل بعد الضريبة سيكون 33 مليار و110 مليار و165 مليار و220 مليار عند معدلات الضريبة 85% و50% و25% و0% على التوالي.

بعد ذلك سيتم تطبيق نموذج خصم التدفقات النقدية، وهو النموذج المستخدم من قبل وود ماكنزي، كما في الجدول في الأسفل. كما يتضح من النموذج فإن معدل الضريبة على الدخل ستكون محدد رئيسي في تغير قيمة شركة أرامكو حيث أن قيمة الشركة تتفاوت من 384 مليار دولار إلى 2.5 تريليون دولار بناء على التغير في معدل الضريبة.

تجدر الإشارة إلى أن هذا التقييم، وكذلك تقييم شركة وود ماكنزي، يعتمد على عدد كبير من الإفتراضات التي يمكن مناقشتها والإختلاف معها، وذلك لعدة أسباب:

1-غياب القوائم المالية لشركة أرمكو، وبالتالي عدم دقة بيانات التكاليف وتكلفة رأس المال (معدل الخصم).

2-أن قيمة المبيعات السنوية متغير أساسي في النموذج، والتي تعتمد بدورها على أسعار النفط. تم بناء التقديرات في هذا النموذج على أساس 80$ للبرميل، وهو ما لا يمكن الجزم به لكثرة المتغيرات المحددة للأسعار المستقبلية.

ولذلك، فإنني انصح القارئ الكريم، بعدم أخذ هذا التقييم، وغيره، إلا لغرض فهم المتغيرات التي تدخل في عملية تقييم الشركة.

3-هذا التقييم مرتبط بأنشطة المنبع (إنتاج النفط والغاز)، ولا يشمل أنشطة المصب (التكرير والتصنيع).

4-معدل الخصم يتأثر بشكل كبير بمستويات المخاطر المتعلقة بالإستثمار، قد يكون معدل الخصم مرتفعا بشكل طفيف عن أمثاله في الشركات العالمية بسبب المخاطر المرتبطة بمنطقة الشرق الأوسط، كما يمكن أن ينخفض معدل الخصم إذا ما كان الطرح في سوق يتمتع بدرجات عالية من حماية المستثمرين (والذي يزيد من مخاطر الطرح على الحكومة).




خاص_الفابيتا