ماذا عن الصّناعة في 2030؟

22/02/2017 2
د. وائل الرّاشد

لازالت رؤية عشرين ثلاثين منذ إعلانها تلقي بظلالها على الممارسات الاقتصاديّة تلك الرّؤية التي منطلقها الأساسي التخلّص ممّا عبّر عنه سمو وليّ وليّ العهد (حالة الإدمان النّفطيّة).

وحتّى يتمّ التخلّص من حالة الإدمان هذه  فإنّ سدّ الفجوة سيكون من خلال تطوير الصّناعات والخدمات المختلفة وتغيير كثير من الممارسات الإداريّة والمعيشيّة بمايتماشى مع هذا التّغيير الجذري في الاقتصاد الوطني.

ولكي ننجح في تحقيق رؤية عشرين ثلاثين بتعظيم فوائدها المنشودة وتخفيف الآثار السّلبيّة من جرّاء تطبيق بعض جوانبها (مثل زيادات الرّسوم خاصّة) فالمطلوب من كلّ قطاع أن يعيد تشكيل رؤية له تتماشى مع رؤية عشرين ثلاثين ويسعى لتحقيقها من خلال تواصل فعّال مع فريق رؤية عشرين ثلاثين الّذي يشرف على تنفيذ مبادرات الرّؤية جميعها.

في هذا المقال سأتناول تطبيقا لهذا الطّرح على القطاع الصّناعي الّذي نشأ في المملكة منذ زمن مبكّر؛ فالمدن الصّناعيّة على سبيل المثال في المدن الرّئيسيّة تأسّست منذ عقود طويلة وكذلك الحال بالنّسبة للهئيئة الملكيّة في الجبيل وينبع.

حققّ القطاع الصّناعي في المملكة خلال مسيرته نجاحات مشهودة ليس فقط في زيادة نسبته من الإنتاج المحلّي بل تعدّى ذلك إلى ماهو أهم إذ كان محضنا لصناعة قيادات سعوديّة مسلّحة بأحدث التّقنيات والممارسات الإداريّة من خلال انخراطها في تأسيس وإدارة وتشغيل الكيانات الصنّاعيّة الكبيرة التي كانت نواة لأن تقود  بعض هذه القيادات تأسيس منشآت صناعيّة جديدة متفاوتة الحجم.

سعت الحكومة فيما مضى لزيادة دور الصّناعة في الاقتصاد الوطنيّ و كان من ضمن هذا التّوجّه تأسيس هيئة للمدن الصناعيّة مستقلّة تولّت مشكورة تدشين مشاريع مدن صناعيّة في جميع مناطق المملكة.

 هذه الجهود في دعم دور الصّناعة تقاطعت بشكل رئيسي مع أهداف رؤية عشرين ثلاثين حيث أنّ زيادة دور الصّناعة في النّاتج المحليّ عامل رئيسي في تقليل الاعتماد على النّفط.

بالرّغم من هذا العدد الكبير في المدن الصّناعيّة و توفّر الأراضي الصّناعيّة وتسهيل الإجراءات ووجود قنوات تمويليّة على رأسها الصّندوق الصّناعي إلّا أنّ قطاع الصّناعة لازال يعاني من تحديّات تعوق تحقيقه للنموّ المنشود؛ بعض هذه التحدّيّات سابق لإعلان الرّؤية و البعض الآخر نشأ بعد ذلك مثل رفع تعرفة الطّاقة وزيادة الرّسوم على العمالة.

قامت مجموعة من رجالات الصّناعة والمهتمّين بها باقتراح رؤية للقطاع تتماشى مع الرّؤية العامّة وعرّفوها بـ "المساهمة في تطوير القطاع الصّناعيّ وتنمية استثماراته، وتعزيز قدرته التّنافسيّة" كما أتبعوا الرّؤية بتعريف رسالة مضمونها "تعزيز وتوفير البنية التحتيّة والخدمات الحديثة اللّازمة لخدمة وتمثيل المنتسبين للنّهوض بالقطاع الصّناعيّ عن طريق تذليل معوّقاته لتعزيز تنافسيّته والمساهمة في التّنويع الاقتصادي، والتّنمية الصّناعيّة المستدامة".

ولأجل تحقيق هذه الرّسالة وفقا لرؤية الصّنّاع فقد حدّدوا لذلك محاور ثلاثة: المساهمة في تطوير القطاع الصّناعي و السّعي نحو تعزيز الرّوابط و التّواصل لخدمة القطاع الصّناعي والمساهمة في صياغة الأنظمة واللّوائح التي تعنى بالقطاع الصّناعيّ.

ثمّ أتبعت هذه المجموعة المباركة جهودها فقامت بتحديد يتمّ تحقيقها خلال ثلاث سنوات من ضمنها 1) المساهمة في تحسين البيئة الاقتصاديّة للقطاع الصّناعي الخاص و منها المنشآت الصّغيرة والمتوسّطة: 2) المشاركة في توجيه القرارات المؤثّرة في القطاع الصّناعي؛ 3) تحفيز الموارد البشريّة الوطنيّة للعمل في القطاع الصّناعيّ والخاص؛ 4) السّعي نحو تطوير منظومة الصّادرات الصّناعيّة؛ 5) المساهمة في زيادة المحتوى المحلّي من الصّناعات السّعوديّة في الاقتصاد الوطني.

لم تكتف هذه المجموعة من روّاد القطاع الصّناعي بذلك بل حدّدوا مايقارب من ستّين برنامجا عمليّا يساعد على تحقيق هذه الأهداف بمايضمن تحقيق رؤية الصّناعة ضمن مظلّة رؤية عشرين ثلاثين.

هل اكتفت هذه المجموعة بهذا العمل الجيّد فحسب؟ كلّا بل إنّها دعت المنتسبين إلى القطاع الصّناعي في الغرفة التّجاريّة والصّناعيّة بالرّياض وعرضت عليهم  رؤيتهم ورسالتهم وأهدافهم وبرامجهم وطلبت أخذ مرئيّاتهم لتعديل مايلزم من خلال ورشة عمل جميلة لمدّة يوم واحد.

هذه المجموعة المباركة هم أعضاء اللّجنة الصّناعيّة في الغرفة التّجاريّة بالرّياض الّذين قاموا مشكورين بهذا الجهد الرّائع في مطلع دورة اللّجنة التي بدأت نهاية العام الماضي لتعمل اللّجنة من خلالها طيلة السّنوات الثّلاثة المقبلة.

إنّني وإذ أقدّم التّحيّة والتّقدير للإخوة في اللّجنة الصّناعيّة بالغرفة التّجاريّة في الرّياض أدعوا مجلس إدارة الغرفة التّجاريّة بالرّياض إلى تعميم هذا النّموذج على كافّة لجان الغرفة التّجاريّة (ليس القطاع الصّناعيّ فقط) كما أدعوا إلى أن تعرض هذا البرامج على اللّجان الوطنيّة التي يشترك فيها ممثّلوا جميع الغرف التّجاريّة بالمملكة بحيث يكون لدى كلّ قطاع رؤية ورسالة وأهداف و برامج واضحة تضمن تطوير كلّ مجال بمايتماشى مع رؤية عشرين ثلاثين.

إنّ مجلس الغرف التّجاريّة خلال هذه المرحلة بحاجة ماسّة إلى رفع كفاءة وقنوات الاتّصال مع جميع الغرف التّجاريّة من جهة من خلال اللّجان الوطنيّة وإلى تأسيس وتقوية قناة اتّصال مباشرة وفاعلة مع إدارة رؤية عشرين ثلاثين وأجهزتها المساندة والعمل على قدم وساق على تقديم تغذية راجعة بالاتّجاهين بحيث يصل صوت روّاد جميع المجالات الصّناعيّة والتّجاريّة والخدميّة وتراجع القرارات وتعدّل وتستصدر بناء على ذلك فيهذه الطّريقة سيحقّق الوطن بجميع أجهزته وعناصره أهداف رؤية عشرين ثلاثين التي نسعى جميعا لنجاحها.

وفي الختام أحيّي مرّة أخرى أعضاء اللّجنة الصّناعيّة في الغرفة التّجاريّة بالرّياض على هذا العمل المشكور الّذي أرجوا أرجوا أن يحققّ أهدافه من خلال مواصلة الجهود و عمل التّنسيقات الّلازمة.

خاص_الفابيتا