ما قصة التريليونات الستة التي صدّعنا بها "ترامب"؟

12/02/2017 7
خالد أبو شادي

شخصيا لم أتلق منحة دراسية أو أسمع عن أحد ممن هم حولي قد استفاد من مجهودات "جمعية خيرية" أو منظمة "تحترم الإنسانية" وتهتم لأمر الجوعى والأيتام..ترعى المعاقين، أو حتى تؤهّل أشخاصا لسوق العمل ممولة من أموال حكومة "فخامتكم" يا "ترامب"..لم أسمع ولا في أى قطر عربي.

ربما تجيدون صناعة الخراب والدمار ونحن نتحمل الكلفة التي لم تضعها في حساباتك في النهاية، هذا ما تنفقون عليه، أو بمعنى أدق تجيدون الإنفاق عليه ولو بشكل غير مباشر عن طريق عملاء ومرتزقة، وخونة أيضا.

تجيدون صنع الفوضى بطريقة أو أخرى أو التحريض عليها، ولعل فوضى الخريف العربي التي أطلقتم عليها زورا وبهتانا ثورات الربيع العربي شاهد.

يوم الخميس الماضي، كرر "ترامب" من خلال اجتماع له مع مسؤولي شركات الطيران الأمريكية التي "هرعت إليه ليدعمها في مواجهة الشركات الخليجية المنافسة لها بقوة في أسواقها" في البيت الأبيض كلامه الممل عن انفاق 6 تريليونات دولار في الشرق الأوسط، والنتيجة كما يراها الرئيس البلهواني القادم من عالم البزنس ..خفيّ حنين .. ولا حتى بئر نفطي صغير!!!

الرجل "يتحسر" على الأموال التي كان من الأفضل إنفاقها على مشروعات البنية التحتية في أمريكا كما يرى هو.. فبنية المطارات وكذلك القطارات عفا عليها الزمن، والطرق سيئة..هل منعكم أحد من فعل ذلك؟!

المضحك في الأمر أن "ترامب" يجيد إيجاد الحلول ولو كانت ساذجة..فهو يرى أن أمريكا لو احتفظت بالنفط..لم تكن داعش لتظهر أساسا لأنها مهدت لوجودها على الأرض من سرقته ..ووضعت لبنتها الأولى عن طريق الأموال التي حصلت عليها منه..وهو لا يفقد الأمل بقوله..ربما في "فرصة أخرى"..!! هل استوعبتم العبارة الأخيرة؟

والحقيقة أن "ترامب" صدّعنا بهذا الكلام في أكثر من موضع سابق وكأنه منّ على الشرق الأوسط بهذه الأموال وأنفقها على إطعامنا وشرابنا وتعليمنا وربما لقضاء العطلات والتسوق أيضا، فما حقيقة هذه التريليونات الستة؟ وعلى ماذا أنفقت أصلا؟؟

في سبتمبر/أيلول من العام الماضي أصدر معهد واتسون للشؤون الدولية التابع لجامعة "براون" تقريرا حاول رصد تكلفة الإنفاق العسكري للولايات المتحدة-انفاق عسكري وليس خيري يا ترامب- منذ ما تعرضت له في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، وحتى تقدير للتكلفة مستقبلا.

وبدون الدخول في تفاصيل تعقيدات الأرقام التي تشمل حرب احتلال العراق، وأفغانستان، وسوريا، وعمليات عسكرية أخرى في باكستان وغيرها، بجانب تكلفة الأمن الداخلي الأمريكي نفسه بما فيها حماية المطارات حتى عام 2016، والتكاليف الطبية المستقبلية الضخمة لقدامى المحاربين الأمريكيين وتعويضات المعاقين حتى 2053 التي تناهز وحدها تريليون دولار، وتكلفة عمليات الطواريء خارج البلاد لعام 2017 وكذلك تكلفة تأمين الأمن الداخلي لنفس العام، فإن التكلفة الإجمالية ناهزت 4.8 تريليون دولار تقريبا.

لكن لا هذه الأرقام ولا حتى أرقام هيئة الأبحاث في الكونجرس التي أصدرتها عام 2014 ونشرها موقع "politifact"بما فيها تكلفة الحرب في أفغانستان 686 مليار دولار وعلى العراق 815 مليار دولار بجانب تكاليف مباشرة وغير مباشرة لعمليات أخرى ، تجيب على سؤال التريليونات الستة، فما زال هناك فارقا بأكثر من تريليون دولار؟

وربما يضع تقريرا لجامعة "هارفاد" الذي اعتمد نفس الأسلوب وقدر التكلفة التي شملت ما أنفق وما سينفق لكن بمدى أكبر بين 4 تريليونات إلى 6 تريليونات دولار عام 2013 النقاط على الحروف، ومدى الدقة التي تحراها "ترامب" عند ذكر الحد الأعلى للكلفة التي تم تضمين التكلفة الطبية المستقبلية الضخمة بها، وكأنه سيتقدم بأوراق ومستندات لجهة ما أو محكمة للحصول على تعويض بها؟!!!

هذه الخلاصة السريعة توضح أين أنفقت وستنفق التريليونات الستة يا "ترامب"..على الخراب والدمار، على اليتم والترمل، على "الفكيك" و"التشتيت"، وكان أولى بأمريكا التي لا يتوقف لها طمع أو جشع أن تنفقها على بنيتها التحتية في أمان وسلام وتترك البلاد والعباد في حالها.

لكن كيف يحدث ذلك وأمريكا التي إن نقبت في الأرض ولم تجد عدوا لصنعته بنفسها، على شاكلة إن لم توجد فقاعة إقتصادية لأوجدتها كي تحرك الاقتصاد، وفي النهاية مصانع أسلحتكم تعمل، وساستكم يخططون، وبنوككم تستقبل المليارات من كل حدب وصوب لتوظفها وتستثمرها على أرضكم، ولا نهاية لجشعكم.

وتبقى الإشارة إلى أنه رغم تكرار كلامك، وحسرتك على التريليونات الستة، لم يتضح بعد على وجه الدقة كم ستبلغ الفاتورة النهائية ومن سيحاسب عليها؟

خاص_الفابيتا