التمثيل المجتمعي ... أداة لحوكمة القطاع العام

09/02/2017 2
د. عامر بن محمد الحسيني

مما اتفقت عليه الدراسات والبحوث العلمية أن تحقق مستوى عالي في الحوكمة يتطلب وجود شفافية وإفصاح عاليان. حيث أن تطبيق الحوكمة هو السد المنيع ضد الفساد، وأن أدوات الحوكمة تأتي من أجل تضييق الخناق على الفساد، فتكون الأنظمة، والشفافية، والإفصاح، والتقارير، واللجان، والعدالة، والمحاسبة، والمسألة وغيرها من المفاهيم والمصطلحات هي أدوات ومؤشرات على تطبيق الإدارة الرشيدة "الحوكمة" في القطاعات المختلفة. 

منظمة الشفافية الدولية Transparency International تعرف نفسها أنها المنظمة الدولية التي تسعى لمحاربة الفساد من خلال تحقيق الشفافية. ومؤسسة سعفة القدوة الحسنة تربط بين تعزيز قيم الشفافية والنزاهة في دلالة واضحة على أن الفساد لا يستشري الا بانعدام الشفافية. الشفافية Transparency تعرف بأنها "الجودة المدركة من المعلومات المفصح عنها من قبل المرسل". الشفافية حق لذوي المصالح والمستفيدين سواء في الشركات، أو المنظمات، أو المستويات الإدارية أو التواصل العام.  

تطبيقات الشفافية في القطاع الخدمي العام يجب أن تواكب وتتطور مع المستوى العام لتطبيقات الحوكمة والتوجه لتفعيل مفاهيم الإدارة الرشيدة، في القطاع العام المحلي أحد أهم أدوات المشاركة المجتمعية هو تمثيل المجتمع في المجالس واللجان ذات الأثر العام. ومنها على سبيل المثال مجالس المناطق، المجالس البلدية، مجالس مؤسسات التعليم العالي المجالس واللجان التطوعية لتقديم خدمات عامة للمجتمع. 

لا شك أن وجود مثل هذه المجالس التي تُمكن بعض أفراد المجتمع من المشاركة نيابة عن أغلبية المجتمع في توجيه وإدارة ومراقبة أعمال المؤسسات العامة ومحاولة مساندة الجهات التنفيذية في أداء أعمالها باقتدار، وذلك يُعد من أهم أدوات الحوكمة للقطاع العام. في القطاع الخاص يُعرف الأعضاء المستقلون Independent member وغير التنفيذيون Non-executive member بمجالس الإدارة بأنهم أدوات ضبط ورقابة لمصلحة أغلبية المساهمين في مواجهة التنفيذيون Executive، كما أنهم يعتبرون أداة مساندة لهم في التخطيط الاستراتيجي، والرقابة وإعطاء تلك الاعمال طابع لضمان عدم وجود تضارب للمصالح بين أي أطراف.

لذلك يكون الاختيار بعيد عن أي شبهات لوجود مصالح ذاتية، وفي حال وجود أي مصالح يُلزم الأعضاء بالإفصاح عنها والتأكد من أن وجود المصالح الخاصة لن يؤثر على الاستقلالية. ولذا يمر اختيار الأعضاء في الشركات بمراحل عديدة ومن خلال لجان متخصصة وبشفافية لكل المُلاك. 

في القطاع العام نفتقد لوجود تلك الشفافية. أو وجود منهجية واضحة في اختيار من يمثل مصالح الأغلبية. وهذا يفتح المجال أمام كثير من التساؤلات في آليات اختيار الأعضاء، وضمان عدم وجود تضارب للمصالح Conflict of Interest بين هؤلاء الأعضاء وبين المهام التي تسند إليهم. الأدهى والأمر أن يعتقد بعض أولئك أن اختيارهم يمنحهم الحصانة، ويمكنهم من استغلال المصالح والاستخدام السيئ للسلطة بما يحقق مصالح ذاتية أو محدودة على حساب مصالح عامة. 

هذا أحد أهم المؤشرات التي يجب أن نهتم بها في محاربة الفساد، وتعزيز النزاهة. وهي أحد أهم أدوات الحوكمة في القطاع العام التي يجب من خلال تبنيها أن تؤثر في ثقافة المجتمع وثقافة من يمثل المجتمع.

وهذا يعطي المجال لكثير من الأنظمة المحلية للتطور لمواكبة التحول الوطني من أجل تحقيق رؤية المملكة 2030 وتحقيق تطلعات القيادة والشعب في الارتقاء والتقدم.