العودة إلى الحلم الأميركي

08/02/2017 6
مازن السديري

العالم ينظر إلى أميركا اليوم باهتمام كبير بين مؤيد ومعارض ومتفائل ومتشائم للقرارات الرئاسية، والكثير يربطها ببرنامج الرئيس وليس للمجتمع الأميركي كافة، خصوصاً أن الرئيس لم يحصل على النسبة الشعبية الأعلى (لم يفز بنسبة عالية عند المواطنين بل المصوتين وهم سبب فوزه)، كما أن استطلاعات الرأي توضح أن نسبة استحسان الرئيس وتقبله بعد فوزه وقبل توليه الحكم -حسب غالوب- هي الأقل بين الرؤساء الخمسة الذين سبقوه.

أعتقد في تقديري ربط ما يحدق بالرئيس وهو منتخب برغبة الأميركيون هو قصور وينبغي النظر للولايات المتحدة بشكل عام والتغيرات التي مستها.. في تقرير صدر منذ عامين للمفكر الأميركي نعوم تشومسكي بعنوان (موت الحلم الأميركي)، أميركا هي أرض الحالم وبلد الفرص حسب تصور العالم عنها، ولكن التقرير يعكس تصوراً مخالفاً،

ذكر التقرير تصوراً عاماً يعكس ترهّل الاقتصاد الأميركي بشكل يقوض الإنتاج والإبداع نتيجة تدهور عدة ثوابت في تاريخ الاقتصاد الأميركي وهي رغبة المخاطرة والاستثمار التي صنعت النهضة الأميركية خلال القرن الماضي نتيجة انخفاض دور الدولة عبر ميزانية الولايات الممونة من الضرائب في تمويل التعليم، وتحول القروض التجارية كبديل خلقت جيلاً من الطلاب مديوناً؛ تحولوا بعد ذلك إلى موظفين همهم تسديد الدين والبعد عن أي مخاطر تهدد استقرارهم المالي، ومع انخفاض الإنتاج الصناعي لصالح الخدمات التي تتطلب متوسط تعليم مهارات أعلى وارتفاع تكاليف التعليم وعدم قدرة مواكبة إعادة التأهيل لسوق العمل أصبح الدخل الحقيقي للفرد ينخفض مع الزمن وتقدم العمر، بالإضافة لنظام التأمين المكلف جعلت الأسرة الأميركية أقل فرحاً وأكثر هماً.

برغم أن المفكر نعوم قد انتقد الرئيس ترامب في عدة محافل ووصف بعض أفكاره بأنها خطر على العرق البشري؛ لكن توقعه بعدم استمرار الخلل وتوقعه لتصحيح أو تغير للإدارات الأميركية تجده متمثلاً في ترامب الذي عين مسؤولين لهم تاريخ معادٍ للمؤسسات التي عينوا فيها مثل (سكوت روت - حاكم تكساس السابق) الذي عين ليدير وكالة حماية البيئة، وهو نفسه سبق أن رفع ضدها أربع عشرة قضية، أو (ريك بيري) الذي كانت له تصاريح ضد وزارة الطاقة الأميركية وهو اليوم من يعين لإدارتها، وقِس على ذلك الكثير من المسؤولين.

اليوم عاد زمن الجدران، لكن ليس الشيوعية؛ بل الغربية التي ضاقت هي وشركاتها الكبرى من زحف الدول النامية، لم تعد هذه الشعوب تريد حديث خريج هارفارد مثل أوباما، بل حديث امتداد روكفلر وفورد المغامرين اللذين خلقا الحلم الأميركي.

نقلا عن الرياض