تسعير الاحتمالات

07/02/2017 0
محمد مهدى عبدالنبي

يعيش العالم الان اجواء الخدع المستمره بفرض مدى زمنى قصير للاحداث التى تقدم ساخنه بقصد اخلال التوازنات المعتاده واستبدالها بتوازنات اخرى تتسق مع المعطيات الحاليه ... وخير دليل على ذلك الفتره الانتقاليه من 8 نوفمبر 2016 حيث فوز ترامب حتى 20يناير 2017 حين تنصيبه رسميا ، فقد صدرت فى تلك الفتره تعهدات هامه على نحو مثير وبمدى زمنى قصير لتتفاعل مع وعود ترامب قبل دخوله البيت الابيض لتتكشل ثلاثة عناوين هامه لمضامين اهم .

اولا ( النفط ) ... فى 30 نوفمبر 2016  وبعد التأكد من هوية الاداره الامريكيه الجديده توصل اخيرا اهل اوبك لأتفاق بخفض الانتاج النفطى بنحو 1.2 مليون برميل يوميا خلال الستة شهور الاولى من 2017 لتنضم على اثر ذلك 11 دوله اخرى من خارج اوبك بتخفيض اضافى يصل الى 558 الف برميل يوميا ... اذن المشهد النفطى محكوم بمدى زمنى قصير خلال ستة شهور ... هذا المدى يحافظ على توازنات قائمه لدول اوبك التى ترى فى استقرار الاسعار فوق 50 دولار للبرميل امرا مقبولا لميزانياتها ... الا ان هذا المدى ايضا يختبر التحرك الامريكى تجاه ملف النفط الذى افتتحه ترامب بحركه ذكيه للغايه من خلال  التوقيع على مواصلة بناء خطى انابيب كيستون وداكوتا بتكلفه اجماليه تبلغ 11.7 مليار دولار لنقل 1.3 مليار برميل يوميا ليحقق ثلاثة اهداف مهمه.

1 - تمكين الجمهوريين سياسيا بتمرير تلك الاتفاقيه وانتصارهم اقتصاديا بخدمة شركاتهم النفطيه ذات الصله .

2-  تنصله من أتفاقية عدم تغير المناخ وبالتالى تخفيف ضغط وتكلفة محاسبة الشركات الامريكيه على التلوث البيئي . 

3 - تحقيق قدر من الاستقلال النفطى بتحويل دول الشرق الاوسط النفطيه من دول مورده لنفطها المحلى الى دول مستثمره فى النفط الامريكى وهو ما يرفع معدلات الاستثمار و التوظيف داخل الولايات المتحده .

ورغم تشابك المشهد النفطى العالمى الا انه يمكن اعتبار اتفاق اوبك وتحرك ادارة ترامب هما قوسين محددين لأسعار النفط فى النصف الاول من 2017 بمعنى انه لا تراجع فى تلك الفتره اسفل 45 دولار للبرميل كحد ادنى وهو السعر الذى بدء اوبك واتباعه مشاورتهم الاخيره عنده حتى سعر 65 دولار للبرميل وهو السعر العادل لبدايه مكاسب صناعة النفط الصخرى التى يشجعها ترامب وتحقق له المزيد من رؤيته فى الاستقلال النفطى الامريكى .

ويبقى الاحتمال الايجابى لأسعار النفط الذى يجب ان تأخده الاسواق فى تسعيراتها خلال النصف الاول من 2017 وهو مدى ضغط ترامب على ايران الذى بدأه بضمها للدول السبع المحظور دخولها للولايات المتحده خلال 90 يوم تنتهى فى منتصف ابريل 2017 ( مدى زمنى قصير ) وهو التفاف مرن على الاتفاق النووى يؤدى الى المزيد من تفريغ الاتفاق من مضمونه و يهيىء المجتمع الدولى لفرض عقوبات جديده على ايران .

ثانيا ( الدولار ) ... ترجيح الفيدرالى الامريكى فى ديسمبر 2016 رفع الفائده على الدولار ثلاث مرات خلال 2017 دون استكشاف واضح لخطط ترامب الاقتصاديه المستقبليه ، وذلك يدفع الدولار للمزيد من القوه التى تؤثر على بقاء الشركات فى الداخل الامريكى ويقلل ايضا من تدفق الصادرات الامريكيه للعالم وبالتالى تفاقم العجز التجارى الامريكى المتنامى لحدود 700 مليار دولار وهو ما يضمن تفوق الصين وتعويض الاتحاد الاوروبى لخسائره المتتاليه ... وتلك هى المعضله الرئيسيه التى يواجهها ترامب ومستشاريه التجاريين بقذائف الاتهامات لأوروبا بتسعيرها لليورو بأقل من قيمته مما يؤثر على الصناعات الحيويه الامريكيه، وكذلك الاتهام المتكرر للصين بالتلاعب باليوان من خلال تخفيضات مؤلمه تطال اثرها الاقتصاد الامريكى .

مشهد الدولار يشير من ناحيه الى فقدان التأثير و المصداقيه فى رؤية الفيدرالى بعد رفع واحد للفائده من اصل اربع توقعات بالرفع فى 2016 واستمرار النهج نفسه فى 2017 ... ومن ناحيه اخرى تغير سياسة الخزانه الامريكيه بالدفع فى اتجاه خفض مفاجىء للدولار وهو الاحتمال الذى يهوى بالدولار لأقل قيمه له فى اكثر من ثلاثين عاما ماضيه والذى يجب ان تضعه الاسواق فى اعتباراتها وتجيد تسعيره لما قد يحدثه من اضطرابات كبيره .

ثالثا ( الاتحاد الاوروبى ) ...جاء تأكيد تريزا ماى رئيسه وزراء بريطانيا فى مطلع يناير 2017 عزمها فى بدء اجراءات انفصال بلادها عن الاتحاد الاوروبى خلال مارس 2017  ( مدى زمنى قصير ) وهى الخطوه التى يشجعها ترامب بقوه وتطال اثرها انعقاد الانتخابات الرئاسيه الفرنسيه فى ابريل 2017 وكذلك الانتخابات العامه الالمانيه فى سبتمبر 2017 والتى سوف تفرز تغيرات مهمه على الساحه الاوروبيه تقيد وضع الاتحاد الاوروبى المجروح من الانفصال البريطانى والمرشح للمزيد من الانفصالات .

هنا يوجد احتمالين اوروبيين يجب ان تسعرهم الاسواق اولهما تغير الادارات الحاكمه بما يتسق مع نمط ادارة ترامب و هو ما يضعف تماما الاتحاد الاوروبى و بالتالى يغير من شكل السياسات الاقتصاديه ويؤثر سلبا على النمو الاقتصادى فى منطقة اليورو وهو ما يخلق مزيج من الخطر وعدم اليقين معا للاقتصاد العالمى ككل المتوقع نموه لحدود 3.4 % فى العام 2017.

ثانى الاحتمالات الاوروبيه يتعلق بصحة الملكه اليزابث الثانيه ( 91 عاما ( التى لم تحضر احتفالات اعياد الميلاد للمره الاولى منذ توليها العرش البريطانى فى عام 1952 و هو ما يشير الى حاله من عدم اليقين الكامله حال وفاتها حيث العطل المتوقع للحركه الاقتصاديه لمده 12 يوما وخسارة تصل الى 6 مليار جنيه استرلينى للناتج المحلى الاجمالى البريطانى وبالتالى التأثير المباشر على اسواق المال والعملات  ... الامر الذى سيكون تسعيره لحظيا ومفاجئا ويستدعى ان تضعه الاسواق فى حسبانها بجانب الخروج البريطانى من الاتحاد الاوروبى .

اخيرا ... العالم على ابواب توازنات جديده فى 2017 فلنراقب ما تحمله الايام من مفاجأت سياسيه واقتصاديه.

خاص_الفابيتا