مؤشرات CIA الاقتصاديه

30/01/2017 0
محمد مهدى عبدالنبي

" الكثره تغلب الشجاعه و الكثافه تهزم الهيمنه " ... قد تكون تلك العباره افضل الطرق لمواجهة ادارة ترامب التى انشغل العالم بمتابعتها دون تقديم ردود افعال مناسبه تكافىء هذا التغير الجوهرى سياسيا واقتصاديا، فسرعة ترجمة وعود ترامب الانتخابيه الى افعال حقيقيه تدهش الجميع حتى صار الكل ينتظر بدء شرارة المبادره ومن ثم المواجهه التى تظهر التقسيم العالمى الجديد.

ولا شك ان ادارة ترامب تريد فرض واقع اقتصادى جديد يمنح المزيد من القوه للاقتصاد الامريكى ليتجاوز الناتج المحلى الاجمالى فى العام 2019 حدود العشرين تريليون دولار وليتعمق الفارق مع الصين الى الضعف سنويا وهو ما يضمن مساحة مريحه ومستمره من الحركه الامريكيه الاقتصاديه والسياسيه، مما يقضى ايضا على افتراض احتلال الصين لقمة الاقتصاد العالمى بحلول العام 2030.

وبمراجعة تاريخيه لربع قرن مضى نلاحظ ان الادارات الامريكيه تتبادل اولوية تناول الملفات السياسيه والاقتصاديه بما يؤمن قيادة الولايات المتحده للعالم، فادارة جورج بوش الاب انجزت اولويه سياسيه هامه بتحالف تحرير الكويت لضمان تواجدها فى قلب نفط الشرق الاوسط ومن بعدها جاءت ادارة بيل كلينتون بأولويات اقتصاديه فعاله انعشت الاقتصاد الامريكى بفائض يقارب 254 مليار دولار، لتأتى ادارة بوش الابن وتقدم الملفات السياسيه بأمتياز على الاولويات الاقتصاديه فى ظل تقدم ملحوظ للتنين الصينى الذى اهملته ادارة اوباما فى فترتها الاولى لأنشغالها السياسى بميراث بوش الابن الثقيل، حتى يقوم اوباما فى فترته الثانيه بتصحيح مسار اقتصادى مضطرب تسلمه ترامب بعجز تجارى مع الصين وحدها بنحو 320 مليار دولار من اجمالى عجز تجارى امريكى يتجاوز 700 مليار دولار مع العالم.

 وربما هذا المشهد يفسر اولويه تناول الاداره الامريكيه الجديده للملفات الاقتصاديه التى تأتى فى المجمل فى صالح الاقتصاد العالمى ككل و لكن بالزيادة للاقتصاد الامريكى وبالخصم من الاقتصاد الصينى الذى يمثل توازن هام فى المعادله العالميه.

المهم هنا هو ليس استكمال المسار الواضح لادارة ترامب بقدر معرفة ماهية الفعل الصينى الذى سوف يغير ويؤثر كثيرا فى اتجاه الاقتصاد العالمى، فخفض الدولار امر قادم لا محاله لدعم خطوات ترامب الاقتصاديه لصد العجز التجارى الامريكى  وهو ما سوف تقابله الصين بخفض كبير لليوان يحمى تدفق صادراتها للعالم ويزيد من حدة حرب العملات القائمه بالفعل ويكسر من هيمنة الدولار نوعا ما على التعاملات الدوليه، وهنا نقطة التحول العظيمه التى قد تنهى الحقبه الماليه التى بدأت من السبعينات حتى يومنا هذا.

 بعد كل هذا يطل السؤال المحورى عن الموقف العربى ... ماذا نحن فاعلون ؟! 

الاجابه هنا تخضع لأتجاهين :-

•الاتجاه الافقى التقليدى حيث الانتظار فى الركب الامريكى صاحب النهج الاحتكارى المتنامى والذى يؤدى لنتائج بطيئه وسيئه للدول المتحالفه معه مقارنه بوضعها الراهن، وربما تراجع الاتحاد الاوروبى خير دليل على ذلك .

•الاتجاه الرأسى المغامر حيث المبادره بتفعيل تحالفات استراتيجيه حقيقيه مع كلا من الصين و الهند على المستويين الاقتصادى و السياسى.

وهذا يدعونا للنظر فى البيانات الاساسيه للأطراف الثلاثه ، فجامعة الدول العربيه  تضم 22 دوله يبلغ عدد سكانهم 392 مليون نسمه بناتج محلى اجمالى يبلغ 2.5 تريليون دولار، والهند صاحبة ثانى اكبر تعداد سكانى بالعالم يبلغ 1.3 مليار نسمه وسابع اكبر اقتصاد بالعالم تقترب كثيرا بناتجها المحلى الاجمالى من كل الدول العربيه مجتمعه حيث حققت فى العام 2016 نحو 2.25 تريليون دولار كما بلغ التبادل التجارى العربى الهندى نحو 120 مليار دولار فقط، اما عن الصين فهى الكتله السكانيه الاكبر بالعالم بنحو 1.38 مليار نسمه والاقتصاد الثانى عالميا بناتج محلى اجمالى 11.39 تريليون دولار ويبلغ التبادل العربى الصينى نحو 246.6 مليار دولار فقط، وبمراجعة تلك البيانات الحاليه و التوقعات المستقبليه للاقتصاد العالمى نجد الحاجه الماسه من جانبنا للثلاثى الصينى C الهندى I العربى A  ... من هنا تأتى فكرة المبادره لأطلاق صندوق مؤشرات CIA  الاقتصاديه لرصد وتفعيل تحالف صينى هندى عربى مهم ومؤثر عالميا يشتمل على المحددات التاليه :-

•مناخ الاستثمار و جودة القوى العامله والاستثمارات البينيه بين دول تحالف CIA

•اجمالى الصادرات و الواردات ومشاركتها فى التجاره الدوليه 

•مدى الترابط و التنسيق بين المراكز الماليه فى دول التحالف 

و اخيرا، قد تهيىء تلك المبادره الطريق لظهور كيانات اقتصاديه منافسه للهيمنه الاعلاميه الامريكيه على الاقتصاد العالمى الذى يتغير الان.

خاص_الفابيتا