حقيقة "فزاعة" النفط الصخري

29/01/2017 14
خالد أبو شادي

أجبرني شيخنا الفاضل المهندس "عثمان الخويطر" على الإنصات لكل كلمة قالها في محاضرة عن النفط الصخري وتأثيره على نظيره التقليدي في المملكة، فالكلام ليس ارتجالا ولا تحيزا "عاطفيا"، إنما نظرة عقلانية منطقية تضع الأمور في نصابها ونطاقها الصحيح.

كلام المهندس "الخويطر" الذي درس في جامعة تكساس وعمل في "أرامكو" حتى صار نائبا لرئيسها قبل إنتهاء خدمته يتماشى وإن كان بشكل غير مباشر مع ما ينادي به صراحة الدكتور "فيصل مرزا" من ضرورة وجود إعلام نفطي عربي يواجه "ترهات" ما يبثه الغرب.

وهذا في الحقيقة يحتاج تضافرا لجهود مؤسسات ومراكز أبحاث وبيانات، وبغض النظر عن عدم تواجد بورصة للسلعة الأهم كمصدر للدخل في الخليج، لا توجد مراكز أبحاث وبيانات تنافس نظيرتها للنفط لدى الغرب، والتي تكسب المليارات من الدولارات جراء تقديم الإستشارات والأبحاث لمن يملكون النفط.

وربما اتفق ما عرضه المهندس "الخويطر" بشكل غير مباشر مع ما قاله وزير الطاقة "خالد الفالح" قبل أسبوعين في دافوس عن صعوبة إضافة الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري ما بين 2 إلى 3 ملايين برميل يوميا لإرتفاع تكلفة الإنتاج، حيث يبقى انخفاض التكلفة مؤقتا وليس مستداما مع نضوب المناطق الأكثر غزارة في الإنتاج "sweet spots" والتنقيب في نظيرتها الأضعف وهذا سيتطلب وقتا.

والنفط الصخري ليس "فزاعة" ولا منافساً في النهاية، إنما هو رافد من روافد الطاقة التي جاءت لتساهم في تلبية الطلب العالمي و"تخفف" الضغط من على كاهل "أرامكو" التي لديها أكبر طاقة إنتاجية فائضة جعلت المملكة "المنتج المرجح الحقيقي" وليس "الاصطناعي"، فالوصف الأخير يمكن اطلاقه على النفط الصخري.

وتلعب الطاقة المتجددة بكل أشكالها نفس الدور، فأهلا وسهلا بها حتى لا يضغط الطلب المتنامي على الطاقة في النهاية على الهيدروكربونات وتضطر السعودية بسبب ذلك إلى رفع إنتاجها وبالتالي سرعتها استنفاذ احتياطيها، وليبق تحت الأرض "كنزا" للأجيال القادمة كما أكد مرارا "الخويطر".

ولأن النفط سلعة ناضبة في نهاية الأمر فمن السذاجة الإعتقاد بأن أسعاره ستنخفض إلى أقل من التكلفة الحالية عند نضوبه، ولا أعلم أحدا "بح" صوته في توضيح هذا الأمر-في حدود علمي- مثل الدكتور "أنور أبو العلا" الذي انبرى يوضح مفهوم النضوب بشكل مفصل، وفي مواطن كثيرة.

واختصارا فالسلعة الناضبة لا يوجد نطاق سعري علوي لها، والعملية برمتها تتوقف على الجدوى الإقتصادية في نهاية الأمر عندما تصير تكلفة الإنتاج مرتفعة للغاية ولا تبرر استمراره.

ومما أكد عليه "الخويطر" وأقتنع به في مواطن عديدة، تدخل السياسة في عالم النفط، وبالطبع تتدخل لتحقيق المصالح، وهو يعتقد أن دورها سيتراجع بعد مدة، عندما يقل الإنتاج النفطي الفعلي عن الطلب العالمي، وقتها ستكون التدخلات السياسية بلا طائل ويكون السوق برمته أمام عوامل الأساسيات المعروفة من العرض والطلب.

وتظل صعوبة نقل التجربة الأمريكية مع النفط الصخري للخارج قائمة وبأسانيد اتفق معه فيها الدكتور "أنس الحجي" تتعلق بالطبيعة الجيولوجية، واللوجستية الضخمة المطلوبة لعملية الإنتاج وليس فقط التكنولوجيا.

وتبقى الإشارة في النهاية إلى أهمية ما ذكره المهندس "عثمان الخويطر" في تثقيف من لا يعرف وتصحيح معلومات من يعرف هامة للحكم على الأمور بموضوعية تامة، بجانب لفت الإنتباه مجددا لضرورة وجود مراكز اعلامية نفطية عربية "محترفة" تصدر المعلومة بالتوازي مع تصدير النفط.

Loading the player ...


خاص_الفا_بيتا