بضاعة 2016

29/12/2016 2
محمد مهدى عبدالنبي

ســـؤال : لماذا مواقع التواصل الإجتماعي مجانية !! 

الجواب : عندما لا تدفع ثمن البضاعه فإعلم أنك أنت "البضاعه "، تذكرت تلك الحقيقه الساخره و انا اتابع غروب 2016 و اجتهادات الاعلام و المحللين فى استعراض عام عاصف بغيومه و نجومه، وحتى ينتهى الجميع من تقاريرهم السنويه المعتاده  دعونا نتأمل و نقيم انفسنا من زاوية " البضاعه المجانيه " التى تداولناها ساخنة بحرارة الاحداث وأستهلكناها جميعا و دفعنا ثمنها مرتين، مرة معنويه من الوعى العام ومرة ماديه من رؤوس الاموال.

وان ما يدفع ثمنه اكثر من مره يدخل فى حساب الخسائر المبنيه على اخطاء التى تتولد من عاملين اساسين هما المعلومات الخاطئه و المعلومات الناقصه ، فمنذ بدايه 2016 وتحليلات المؤسسات و الافراد تصدر عبر الاعلام عبارات مثيره اشهرها و اولها " تخمة المعروض النفطى " ليستمر نزيف النفط الى مناطق الرعب السعريه اسفل الثلاثين دولار للبرميل، لاحظ هنا معى ان الاعلام العالمى لم يركز على عبارة " انخفاض الطلب " بقدر تركيزه على عبارة  " تخمة المعروض " ، لم يبحث فى الحلول بل استغرق فى التوصيفات لتحقيق مستهدفات سعريه ذات ابعاد سياسيه و اقتصاديه .

وبالفعل تم ضرب عشرة عصافير بحجر واحد ، فالتناول الاعلامى لأزمة انهيار اسعار النفط اسس لمسار مظلم من التوقعات السلبيه التى انتعشت بالأحمرار الحاد لمؤشرات الاسواق العالميه وكذلك تهديدات خفض التصنيفات الاءتمانيه للدول المنتجه للنفط ... حتى اكثر الدول استهلاكا للطاقه لم تسلم من ازمة النفط رغم ان ذلك فى صالحها على الاقل سعريا ليتم الترويج لعنوان " تباطؤ النمو الصينى " الذى يتراجع بالاساس من 2010 وليس من 2016 فقط.

هنا لنا وقفه بقرب انتهاء النصف الاول من 2016 فما تحقق من تقلبات قويه نتيجة التحليلات والتوقعات كان فى صالح الاعلام العالمى الذى كان يستعد بنفس ادواته لخوض معركة الاستفتاء البريطانى بالتركيز على مخاطر الانفصال عن الاتحاد الاوروبى كما التركيز سابقا على تخمة المعروض النفطى.

ولأن طبيعة معركة الاستفتاء مختلفة عن طبيعة معركة النفط فقد جاءت النتيجه صادمه للجميع بالموافقه على انفصال بريطانيا عن الاتحاد الاوروبى، هنا شهدنا تحول متوسط فى استعياب  الاعلام وتابعيه لأجراءات الانفصال واستغراقه مره اخرى فى توصيف تفاصيل فرضت عليه ليست من صنعه.

لم تكن تجربه الاستفتاء كافيه لتأكيد فشل استطلاعات الرأى و خيبة المحللين بأعلامهم الموجه حتى رفعوا راية هيلارى كلينتون فى الانتخابات الامريكيه بالتركيز على كل مساوىء منافسها دونالد ترامب دون استعراض موضوعى لأى طرح يقدمه، الى ان جاءت الصدمه المستمره بفوز مريح لترامب، هنا شهدنا تطبيع اعلامى سريع مع السيد ترامب الذى خطف الاضواء من ازمة قانون جاستا و ديون البنوك الاوروبيه وصار محركا اخضرا للاسواق الى حين تنصيبه فى يناير 2017.

وبتأمل ما سبق  فقد خيل لنا ان الاعلام قدم  بضاعة الاستطلاعات و التحليلات و التوقعات مجانا، ولم نلتفت الى ثمن تخريب الوعى العام بمعلومات خاطءه و منقوصه بقدر ما التفتنا الى حساب خسارة رؤوس الاموال.

واخيرا، فان القليل منا تعلموا و فهموا اللعبه و ارهقوا انفسهم فى البحث وراء كل ما يقدم و هم فقط من نجوا من عواصف 2016 ... غير ان الكثيرين الذى اعتادوا المجانى كانوا هم بحق بضاعة 2016 التى اتلفها هوى الاعلام العالمى.

خاص_الفابيتا